الاكتئاب الحاد: استمع لجرس الإنذار
Last Updated on: 1st يونيو 2024, 08:41 م
تخيل أن تكون مسجوناً في غرفة مظلمة، وحيداً بين أربع جدران، لا منافذ…
هذا هو ما يشعر به مريض الاكتئاب.
الاكتئاب مرض نفسي شائع لكنه خطير، يفقد صاحبه الشغف، فلا يرغب في القيام بشيء، ولا في التواصل مع أحد، فهو كالمسجون.
وتختلف شدة مرض الاكتئاب، فهو في بعض الحالات الخفيفة تقتصر أعراضه على بعض المشاعر السلبية، وفي حالات الاكتئاب الحاد فقد تصل الأعراض إلى الأفكار الانتحارية، وإذا سمعت من أحد أحبائك أنه يفكر في الانتحار فهذا هو جرس الإنذار الذي ينبهك إلى أن التدخل الطبي عاجل ومطلوب، فما هو الاكتئاب الحاد وما هي أعراضه وعلاجاته، كل ذلك وأكثر سنتعرف عليه أكثر فيما يلي.
ما هو الاكتئاب الحاد
الاكتئاب الحاد هو الذي تتداخل أعراضه مع نشاطات المريض اليومية، فتجده كمن أصيب بالشلل، يواجه صعوبة في التحرك من سريره والخروج من غرفته فضلاً عن أن يتعامل مع الناس، مشاكل واضحة في الشهية وفقدان كبير للوزن، مشاكل في النوم والأهم والأكثر خطورة هي الأفكار المتكررة عن الموت والانتحار. إذا وصل المريض إلى هذه الحال فعليه وعلى ذويه ألا يتركوه للعزلة وأن يقنعوه بالذهاب للطبيب لبداية رحلة العلاج من هذا الاكتئاب الحاد.
أعراض الاكتئاب الحاد
دعونا نتعرف أكثر على الاكتئاب الحاد من خلال ذكر المزيد من الأعراض:
- نوم غير طبيع: فإما يصيبه الأرق وقلة النوم، أو يكثر من النوم لساعات طويلة.
- العصبية والتوتر المستمر.
- فقدان الرغبة حتى في الأنشطة التي تعد ممتعة مثل تناول الطعام، الخروج، حضور المناسبات.
- فقدان الأمل.
- توقع الأسوأ باستمرار أو أن شيئاً سيئاً سوف يحدث.
- التفكير في الانتحار أو محاولة الانتحار بالفعل.
- في بعض الحالات الشديدة يصاب المريض بنوبات من الذهان (الهلوسة والتهيؤات)
- عدم القدرة على الاعتناء بالنفس في الأمور الشخصية مثل النظافة الشخصية والاستحمام.
وكما ذكرنا أن هذا النوع من الاكتئاب يكون صعباً على صاحبه وعلى من حوله، ولكن هذا السجن الذي يتصور المريض ألا مخرج منه ليس كذلك في الحقيقة، فالباب موجود وكثيرون قد خرجوا منه، ما عليك إلا التواصل مع الطبيب ومعرفة الحلول والعلاجات المتاحة وستكون منبهراً بالنتائج.
عوامل تزيد فرص الإصابة بالاكتئاب الحاد
قبل أن نتحدث عن طرق العلاج الممكنة، أظن أنه من الجيد أن نعرف ما هي العوامل التي تجعل الشخص مهيئاً أكثر للإصابة بالاكتئاب، وفائدة ذلك هي توقع المشكلة قبل حدوثها أو في بدايتها والتدخل السريع لمنع تدهور الاكتئاب، ومن هذه العوامل:
- أن يكون الشخص مدمناً، أو سبق له إدمان مادة ما.
- محاولات سابقة للانتحار.
- وجود حادثة انتحار سابقة في العائلة.
- سابق إصابة أحد أفراد العائلة بالأمراض العقلية والنفسية.
- وجود أدوات خطيرة في المنزل تسهل الطريق لتنفيذ الأفكار الانتحارية.
- الوصول لدرجة كبيرة من اليأس وفقدان الأمل.
ودعني يا صديقي قبل الانتقال للتحدث عن علاجات الاكتئاب الحاد، والتي ربما سبق وعرجنا عليها في مقالات سابقة، أن أنبهك إلى خطر الانتحار الذي يهدد مرضى الاكتئاب، وهي ظاهرة آخذة بالانتشار في عالمنا العربي، ولذلك فلا تتهاون مع الأمر إذا سمعت مثل هذه الأفكار ممن تحب، فهو جرس إنذار لقنبلة موقوتة، وإليك بعض العلامات التي يجب التنبه لها أيضاً وهي تعني أن صاحبها ليس بخير:
- التحدث عن الرغبة في الموت أو إنهاء الحياة.
- البحث الفعلي عن طرق التخلص من النفس، ربما عبر الانترنت أو محاولة اقتناء سلاح.
- الحديث عن فقدان الأمل أو عدم وجود سبب لمواصلة العيش.
- الإفصاح عن مشاعر ألم غير محتمل أو عن أن الشخص محبوس.
- ذكر أنه يشعر أنه أصبح حملاً على غيره.
- الانعزال الدائم.
- إظهار غضب شديد أو الرغبة في الانتقام.
- تقلبات مزاجية حادة.
ماذا أفعل إن كانت تنتابني بالفعل مثل هذه الأفكار
أولاً: اعلم أن الأفكار الانتحارية ليست أفكار منطقية وعقلانية بل هي أفكار اندفاعية عشوائية قد تنساق وراءها دون حساب، فتخلص من كل ما قد تؤذي به نفسك، من أسلحة وأدوات حادة أو حتى مدخراتك من الأدوية والعقاقير التي قد تكون سامة عند تناول جرعات كبيرة منها، بذلك تكون قد حميت نفسك ولو لبعض الوقت من هذه الأفكار الطائشة، هذا الوقت الذي اكتسبته قد يكون فارقاً بين الحياة والموت.
ثانياً: إذا كنت مقدماً على تنفيذ إحدى هذه الأفكار فلا تبقى وحيداً، تواصل مع عدد ممن تحب من الأشخاص وأخبرهم بما تفكر فيه، وتواصل مع الجهات المختصة من مقدمي الرعاية النفسية، فعلى سبيل المثال توجد منصة إلكترونية للأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان في مصر، توفر العديد من الخدمات التي قد تحدث فارقاً، كما يوفرون خطاً ساخناً يتلقى العديد من المكالمات يومياً والخط الساخن هو: 16328
ثالثاً: عندما يذهب عنك هذا الهاجس القوي لإيذاء نفسك، لا تتردد في زيارة الطبيب بنفسك ومناقشة الحلول الممكنة ومتابعة خطة علاجية تصل بك وبمن تحب إلى بر الأمان
الاكتئاب الحاد، علاجاته وطرق النجاة منه
توجد العديد من الطرق العلاجية التي أثبتت الدراسات العلمية فعاليتها وكفاءتها في تحسين أعراض الاكتئاب والسيطرة عليه، ومن ذلك:
- الجلسات العلاجية النفسية:
فيها يكون الطبيب بمثابة المنقذ الذي يحمل الشعلة المضيئة للمريض في ظلمات الاكتئاب. يحاول الطبيب مع المريض وربما يتمكن من تغيير قناعاته وطرق تفكيره، ربما في حالات الاكتئاب الحاد لا تكون مجرد الجلسات العلاجية مجدية إلا أنها تظل ضرورية ليبحث فيه الطبيب الحالة وتطورها، ويناقش مع المريض الطرق العلاجية الأخرى اللازمة. - الأدوية:
هناك العديد من الأدوية التي تعالج أعراض الاكتئاب بفعالية كبيرة. ترسانة الطبيب من المواد الفعالة ضد الاكتئاب تمنحه خيارات عديدة وتجعله قادراً على اختيار المادة الأكثر ملاءمة للأعراض التي تعاني منها، فهناك مواد تكون أفضل في حال كان المريض يعاني من فقدان الشهية والوزن، وهناك أدوية تلائم من يعانون من مشاكل في النوم، والمشترك بينها جميعها أنها تساعد في ضبط مزاج الشخص ومشاعره، وربما يستخدم الطبيب أكثر من مادة في بعض الحالات إذا ارتأى أن الحالة شديدة وتتطلب أكثر من مادة، لكن ما نستطيع تأكيده أنه النسبة الكبيرة ممن يلتزمون بتلقي العلاج وتناول الجرعات المحددة يظهرون تحسناً كبيراً وقدرة أكبر على إدارة الضغوطات والمسؤوليات الحياتية المعتادة دون الغرق في بحور الاكتئاب. - جلسات العلاج الكهربائي:
وهي جلسات يقوم فيها الطبيب بعد التجهيزات اللازمة بتمرير تيار كهربائي على دماغ المريض. يحفز هذا التيار الخلايا على إفراز بعض النواقل العصبية مثل السيروتونين وغيره مما تؤكد الأبحاث أن اختلال تركيزاتها له دور مهم في الإصابة بالاكتئاب، وقد أظهرت هذه الطريقة في العلاج نتائجاً إيجابية، لكن مع ذلك فلا يلتجأ لها إلا بعد التأكد من عدم فعالية الدواء مع الحالة. - التحفيز المغناطيسي عبر الدماغ:
هي طريقة أخرى لتحفيز خلايا المخ على إفراز الهرمونات والنواقل العصبية الهامة، وهي أكثر أماناً ومستخدمة بالفعل في تخفيف حدة الاكتئاب. وما زال العلم في تطور ولا تزال الأبحاث تعمل على إيجاد حلول أخرى آمنة وفعالة للحفاظ على حياتك وحياة من تحب ممن يعانون من الاكتئاب. - أسلوب الحياة:
خذ بزمام الأمور ولو قليلاً، وربما تدخل عذع التغييرات في طرق الوقاية أكثر منها في طرق العلاج إلا أنها في مرحلة معينة وبعد استقرار أعراض الاكتئاب الحاد لابد للمريض بالتعاون مع من يحب أن يقوموا ببعض التغييرات في أسلوب الحياة التي تضمن الحفاظ على الصحة النفسية والجسدية للمريض، مثل تناول الأطعمة الصحية ذات القيمة الغذائية العالية مثل الخضروات واللحوم والفواكه، وتجنب المأكولات السريعة والضارة التي يتخطى تأثيرها السيئ مجرد زيادة الوزن.
أيضاً لابد من الحرص على ممارسة نوع من أنواع الرياضة والتمارين فهي ممتازة لجسم والعقل، وأخيراً فإنه يجب عليك طلب المساعدة من المتخصصين وحل المشاكل التي تواجهها.
عزيزي القارئ، خذ بزمام الأمور ولا تستسلم، وتأكد أن الحياة بها أكثر من الضغوطات والمشاكل، وهي تستحق أن تظل تحاول حتى تصل، ومهمتنا في هيلثاوي هي مساعدتك وتقديم كل ما تحتاج من المعلومات لك.