التشخيص التفصيلي لاضطراب ثنائي القطب
اضطراب ثنائي القطب بين مطرقة الهوس وسندان الاكتئاب
Last Updated on: 25th أغسطس 2023, 09:39 م
توصل الطبيب إلى التشخيص التفصيلي لاضطراب ثنائي القطب، الذي جعلني اتأرجح بين قطبين السعادة العارمة التي أخذتني أحلق حد السماء والحزن الدفين الذي يعصر قلبي عصرًا؛ فتارة يغزو يومي الهوس فيغمرني بالنشوة والنشاط وأكون مثل البطل الخارق، وتارة أخرى أشعر وكأن الحزن والأسى يمزق فؤداي وأكون مثل الخرقة البالية.
سنتعرف في هذا المقال إلى التشخيص التفصيلي لاضطراب ثنائي القطب، والتفرقة بينه وبين بعض الاضطرابات التي تتشابه معه.
اضطراب ثنائي القطب
يُعرَّف اضطراب ثنائي القطب بأنه مرض عقلي يسبب اضطراب مشاعر المريض؛ إذ يعاني حالتين متضادتين كل منهما تناقض الأخرى، فمرة يلاحقه الهوس أو حالة المانيا فيشعر بحلاوة الدنيا وزهو العيش ويحنو الضحك والرقص ويعانق الحياة مقبلًا غير مدبرًا.
على الجانب الأخر تغزوه نوبات الاكتئاب وتعتريه حالة من الهدوء والعبوس، ويشعر بالعجز وقلة الحيلة، تجعله يفضل الانزواء على حاله ويرفض الانخراط وسط الناس، فاقدًا الرغبة في كل متع الحياة، وتراوده وتلاحقه أفكار الانتحار وقد يقبل عليه محاولًا ذلك.
التشخيص التفصيلي لاضطراب ثنائي القطب
من المؤسف أن المريض لا يدرك ما ألم به تلقائيًا، خاصة عند مرورهم بحالة الهوس نظرًا لفرحتهم بيومهم ورضاهم عن أنفسهم واستمتاعهم بالنشوة والفرحة التي يشعرون بها؛ لذا فهم يعتقدون أنهم بأفضل حال.
لكن في حالة غزو نوبات الاكتئاب وتدهور أمورهم ومعاناتهم ضيق الصدر ومرارة الحلق وعدم الرغبة في الحياة يلجأون إلى الطبيب النفسي؛ كي يقيم الحالة الصحية للمريض ويضع أسس وقواعد التشخيص التفصيلي لاضطراب ثنائي القطب استنادًا عليها يصل إلى التقييم الصحيح والتشخيص السليم.
فيما يلي قائمة بالسبل المتبعة لتشخيص اضطراب ثنائي القطب:
الاختبار البدني
يجري الطبيب الفحص جسدي وعمل عدة اختبارات، مثل: فحص الدم، والبول لتحديد وجود أي مشكلات جسدية يمكن أن تكون سببًا للأعراض التي يعانيها المريض، علاوة على ذلك ينصح بضرورة عمل اختبارات معملية لتوضيح الإصابة بخمول الغدة الدرقية أو فرط نشاطها كذلك فحص للسموم.
التقييم النفسي
يصغى الطبيب النفسي إلى أفكار المريض ومشاعره قبل وأثناء نوبات الاكتئاب والهوس، ويتعرف إلى أنماط السلوك التي تسيطر عليه آنذاك، ويكون على علم إذا كان الشخص لديه أفكار وميول انتحارية، كذلك يطلب من أفراد عائلة المريض والمقربين توضيح الأعراض التي يعانيها المريض وتظهر عليه من حين لآخر.
علاوة على ذلك يطلع الطبيب المختص على التاريخ الطبي والعائلي؛ نظرًا لأهمية ذلك في التشخيص والتقييم الصحيح للوضع.
مخطط الحالة المزاجية
تسجل حالات المريض المزاجية على مدار اليوم مثل التعرف إلى أنماط النوم وسرعة التفكير والكلام وتدوين تهيج المزاج وما يرافقه من زيادة الطاقة.
معايير الاضطراب ثنائي القطب
قد يلجأ الطبيب النفسي إلى اتباع معايير الاضطراب ثنائي القطب التابعة للجمعية الأمريكية للطب النفسي (Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders, 5th Edition DSM-5) ووتُقارن بالأعراض التي يعانيها المريض والاضطرابات التي قد تحدث والأخرى ذات الصلة الموجودة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية الأخرى.
لمزيد من المعلومات إليك هذا الفيديو
أعراض اضطراب ثنائي القطب
توجد مجموعة من العلامات التي تفيد في تقييم الحالة والتوصل إلى التشخيص السليم، وتتأرجح تلك الأعراض بين السعادة العارمة (الهوس الخفيف) والعزل والحزن (الاكتئاب).
أعراض الهوس (Mania)
يجدر التنويه إلى أن ليس من الضروري حدوث الأعراض التالية كلها لتأكيد الشخيص، بل يكفي ظهور ثلاثة أعراض التي قد تستمر أسبوع أو أكثر، ونذكر منها الآتي:
- الأرق وقلة عدد ساعات النوم.
- الاندفاع.
- الشعور المبالغ فيه بالنشوة والسعادة.
- زيادة الطاقة والنشاط.
- الإقدام على الأفعال الإيجابية.
- التشتت وتضارب الأفكار.
- الإقبال على الخروج والتسوق والشراء.
- اتخاذ قرارات مصيرية غير محسوبة
- قدرة المريض على الإنجاز تكون عالية.
- الشعور بالتفاؤل متخطيًا حدود الواقع.
- زيادة الثقة بالنفس.
- تصارع الأفكار في ذهن المريض.
- الثرثرة.
- الضلالات (Delusions) فقد تلاحق بعض المرضى أفكار خاطئة لا يتمكن أحد من تعديلها لديهم أو مناقشتهم حولها.
- الهلاوس (Hallucinations) فقد يسمع المريض أو يرى أشياء ليس لها وجود.
أعراض الهوس الخفيف (Hypomania)
تتشابه مع تلك التي تحدث في نوبات الهوس، لكنها أخف حدة ولا تؤثر في قدرة المريض على مصير يومه أو علاقاته الاجتماعية.
أعراض الاكتئاب
تشمل أعراض الاكتئاب التي قد يعانيها مريض الاضطراب ثنائي القطب:
- الشعور بالحزن والوحدة الدفينة.
- الشعور بتدني الذات وانعدام القيمة.
- فقدان الشغف.
- اكتساب مزيدًا من الوزن أو فقده بنحو زائد عن الطبيعي.
- الأرق أو النوم لساعات طويلة.
- التشويش الذهني وعدم القدرة على التفكير أو التركيز.
- ضعف الذاكرة.
- الشعور بالذنب طوال الوقت تجاه الآخرين.
- عدم القدرة على الانخراط وسط التجمعات.
- ملاحقة الأفكار الانتحارية أو عزم النية لتنفيذها.
خطر التشخيص الخاطئ لاضطراب ثنائي القطب
أكدت دراسة أجريت حول تشخيص الاضطراب ثنائي القطب أنه يوجد حوالي 69% من الحالات المرضية شُخصت خاطئاً في المراحل المبكرة للاضطراب؛ نظرًا لتشابه الأعراض ببعض الاضطرابات النفسية الأخرى، وهم: الاكتئاب أحادي القطب اضطراب الوسواس القهري واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه واضطراب الأكل واضطراب الشخصية الحدية.
لذلك يلجأ الطبيب إلى معرفة التاريخ العائلي ونوبات الاكتئاب، وتسجيل اضطرابات المزاج التي تهبط وتصعد بالمريض، حتى يصل إلى التشخيص الصحيح وعلى إثره وصف خطة العلاج المحكمة.
الفرق بين الاكتئاب واضطراب ثنائي القطب
يعرف الاكتئاب بأنه مرض نفسي يسبب الشعور القاسي بالحزن والأسى، ينتاب الفرد نتيجة لعدد من العوامل المحيطة به، أو نتيجة التعرض لبعض الصدمات أو تعرضه لأمور قاسية.
بينما اضطراب ذو الاتجاهين هو أحد الاضطرابات النفسية التي تتميز بتقلب المزاج مع تناوب نوبات من الهوس والنشاط ونوبات من الحزن والشعور بالاكتئاب، التي قد تؤثر في علاقات الشخص الاجتماعية وقد تلحق الضرر بعمله.
الفرق بين اضطراب ثنائي القطب واضطراب الشخصية الحدية
يعاني مريض اضطراب الشخصية الحدية نمط من الأفكار المشوهة تجاه نفسه والعالم، وتلاحقه تغييرات مزاجية سريعة، ويصاب بالذعر والخوف الشديد من الهجر والوحدة؛ مما يدفع المصابين لافتعال سلوكيات انفعالية وعدوانية لا يمكن السيطرة عليها، وتليها شعور بالذنب والخجل من الذات، وقد ويحاول المصاب إيذاء نفسه أو التهديد بالانتحار؛ لذا تنهار علاقاتهم الاجتماعية والعاطفية ويشكون عدم استقرار حياتهم.
ومن المؤسف أن ذلك الاضطراب من أخطر مرض عقلي ونفسي يهدد حياة المريض؛ نتيجة تكرار إيذاء نفسه، وتشير الدراسات إلى أن 10 بالمائة من المصابين به يفرون نحو الموت والانتحار و80 بالمائة منهم لديهم أفكار انتحارية.
أهم الأسئلة الشائعة حول اضطراب ثنائي القطب
سنجيب عن بعض الأسئلة التي تدور داخل أذهان الكثير حول اضطراب ثنائي القطب:
هل مرض ثنائي القطب خطر؟
يعرف اضطراب ثنائي القطب بأنه مرض مزمن ولا يشكل خطورة، ويمكن التعايش معه من خلال السيطرة على الأعراض.
هل يؤدي ثنائي القطب إلى الانتحار؟
مما لا شك فيه أن ترك العلاج وعدم الاكتراث باتباع تعليمات الطبيب قد تسبب مضاعفات وخيمة؛ وعلى إثرها يعاني المريض زيادة نوبات الهوس والاكتئاب وقد ينتهي الأمر بالانتحار.
هل يمكن التعايش مع مريض ثنائي القطب؟
يمكن التعايش مع مريض اضطراب ثنائي القطب، لكن مع اتخاذ كافة التحذيرات والتنبؤات عند التعامل مع نوبات الهوس والهياج والتقلبات المزاجية.
ختامًا، أعي جيدًا -عزيزي القارئ- أن الدنيا لا تخلو من المنغصات والعثرات، وعلى إثرهم يشتد الوجع ويتصاعد الألم، فتمالك نفسك واستعن بالطبيب ولا تتهاون واسرد عليه كل ما يؤرقك وتعانيه؛ كي يصل إلى التشخيص الصحيح لاضطراب ثنائي القطب.