الصحة النفسيةالعلاج السلوكي

العلاج السلوكي المعرفي ودوره في علاج الاضطرابات النفسية

Last Updated on: 27th يناير 2022, 12:47 ص

يلجأ عادةً الاختصاصي النفسي إلى العلاج السلوكي المعرفي، وذلك من أجل علاج عديد من المشكلات والاضطرابات النفسية. 

وذلك لصداه المدوي في تدارك زحام الأفكار العقيمة المدمرة للشخص المريض، وتغيير انماطه الفكرية، واقتلاع المشاعر السلبية منه.

لذلك سنضع بين يديك -عزيزي- كل ما تود معرفته عن العلاج السلوكي  وأهم مبادئه، والتعرف إلى خطواته العلاجية، ومميزاته وعيوبه، فتابع معنا.

العلاج السلوكي المعرفي (Cognitive behavioral therapy)

العلاج السلوكي المعرفي

يعد أحد أهم أنواع العلاج النفسي ومن أهم إنجازات علم النفس الحديث أيضًا، كذلك من أكثر وسائل الطب النفسي شيوعًا لعلاج الاضطرابات النفسية.

يجدر بالذكر أن دكتور آرون بيك مؤسس معهد بيك للعلاج المعرفي السلوكي ابتكر ذلك العلاج في ستينيات القرن الماضي.

وفي الآونة الأخيرة اعتمد عديد من الأطباء تقنيات ومبادئ لتعليم الناس ضبط ردود أفعالهم والتحكم في أفكارهم. 

يجدر بالذكر أن في بعض الحالات لا يجدي العلاج الدوائي ولا يعود بالنفع دون الاستعانة به، وذلك لأنه يعتمد على تقويم النهج الذي يتبعه المريض في التفكير، الذي يؤثر في سلوكياته ونمط حياته.

يستعين به المعالج النفسي لمساعدة المريض على مواجهة الصعاب، والتعامل الصحيح مع مخاوفه وأفكاره السلبية.

كذلك يساعد الفرد على حل مشكلاته التي يواجهها، وذلك بتغيير أنماط تفكيره وتعليمه سبل سوية لتغيير استجابته تجاه المواقف الصعبة.

يُعد ذلك العلاج وسيلة لتعبير الشخص عن شعوره تجاه نفسه والآخرين والعالم المحيط به أيضًا.

كذلك يركز على تعديل الحاضر وتجميله بدلًا من الرجوع إلى الخلف والبكاء على الأطلال. 

مفهوم نظرية العلاج السلوكي المعرفي

ينقسم العلاج إلى الآتي:

1- الأفكار

يعرف بالشق المعرفي الذي يهدف إلى مساعدة المريض على تغيير الأفكار العقيمة التي تلاحقه طوال ليله ونهاره.

2- السلوكيات

يسهم ذلك الشق في تغيير السلوكيات الناجمة عن تلك الأفكار المدمرة وكبحها ومنعها من السيطرة على وجدان المريض.

ومع تضافر الشق السلوكي والمعرفي تتحسن الاضطرابات النفسية والمزاجية، وتتولد أفكار أكثر إيجابية لدى المريض.

أنواع العلاج السلوكي المعرفي

توجد تقنيات ووسائل عديدة تساعد المريض على مجابهة الأفكار التي تؤرقه وتعيقه، وتتضمن الآتي:

1- العلاج السلوكي الجدلي

يهدف إلى تحديد الأفكار التي تؤرق المريض والابتعاد عنها، مع وضع خطط استراتيجية للتحكم العاطفي وتنظيم الأفكار وترتيبها.

2- العلاج السلوكي العاطفي العقلاني

يستخدم العلاج السلوكي العاطفي العقلاني في تحديد المعتقدات والظنون الوهمية التي تلاحق الشخص وتبديلها بأفكار أخرى صحيحة وسوية.

3- العلاج متعدد الوسائط والعوامل

يستهدف ذلك العلاج بعض العوامل، مثل: السلوك والإحساس والإدراك، وذلك لتعديل الاضطرابات النفسية والمزاجية.

استخدامات العلاج السلوكي المعرفي

تكمن أهمية العلاج المعرفي السلوكي في أنه مناسب لجميع المراحل العمرية وأيضًا للأزواج والعائلات.

وذلك لتأثيره الفعال والمدوي في علاج حالات نفسية عديدة، مثل:

مبادئ العلاج المعرفي السلوكي

فيما يلي بيان لأهم مبادئ العلاج المعرفي السلوكي:

  1. معالجة الإدراك الخاطئ عن العالم والظروف المحيطة.
  2. إدراك أن التفاعل مع العالم يحدث من خلال التمثيلات العقلية، لذلك لا بد أن تكون أنماط التفكر دقيقة، والبعد عن اضطراب المشاعر.
  3. دمج النظريات السلوكية والنظريات المعرفية، وذلك للحصول على الطريقة المثلى التي ينظر بها الناس للمواقف لتحديد ردود أفعالهم.

خطوات العلاج السلوكي المعرفي

يستهدف العلاج المعرفي السلوكي عدة نقاط فيصلية معينة، ويبدأ مع المريض تدريجيًا، ويتضمن الخطوات الآتية:

1- التعرف إلى الأفكار السلبية

قبل بادئ ذي بدء لا بد أن يدرك المريض الأفكار السلبية التي تصول وتجول في خاطره، وتتحكم في سلوكياته وأفعاله، وتسبب له المشكلات والعثرات.

يحث المعالج النفسي الشخص على ضرورة الانتباه تجاه ردود الأفعال الجسدية والسلوكية التي يسلكها في أثناء المواقف المختلفة التي يتعرض لها.

2- تحديد المواقف التي تسبب للمريض المشكلات

تشمل تلك الخطوة تحديد السبب الرئيس الذي أوقع المريض فريسة للاضطرابات النفسية.

فقد تكون تلك الكبوة بسبب حالة طبية يعانيها المريض أو نتيجة الإصابة بمرض عقلي أو وقوع الطلاق أو التعرض لصدمة ما.

يقضي المعالج بعض الوقت مع المريض، وذلك من أجل تحديد المشكلات ومعرفة منبعها، والسعي نحو الأهداف المراد التركيز عليها.

3- إعادة تشكيل الأفكار السلبية والخاطئة

يشجع المعالج النفسي المريض على البحث داخل ذاته، وأن يسأل نفسه إذا كانت نظرته للمواقف تستند إلى حقيقة مبنية على أسس وقواعد، أم أنها مجرد أوهام لا أساس لها من الصحة؟ 

ويجدر بالذكر أن إعادة تشكيل الأفكار السلبية من أصعب الخطوات وأكثرها تعقيدًا؛ وذلك لاعتياد المريض على تلك الأنماط الفكرية الخاطئة حيال نفسه منذ مدة طويلة.

لكن مع مرور الوقت يستطيع تغيير نهج تفكيره وتصبح عادة لديه.

4- مراقبة الذات

تُعرف مراقبة الذات بأنها من أهم خطوات العلاج المعرفي السلوكي، وذلك للتغلب على الوسواس القهري والخوف.

كذلك يجب أن يدرك المريض ويعي تصرفاته وسلوكياته وأفعاله، ومشاركة مجريات الأمور مع الطبيب النفسي المختص.

وذلك لكي يكون الطبيب على دراية بتطورات حالته الصحية، ويساعده على وضع خطة علاجية شاملة تكبح معاناته ومشكلاته.

5- حل المشكلات

يسعى ذلك العلاج إلى تدريب المريض على معرفة المشكلات وتحديدها والتعامل معها بسبل صحيحة، والحد من تأثيرها السلبي في نفسه.

6- التقدم التدريجي

يعد العلاج المعرفي السلوكي عملية تدريجية، إذ تعتمد على خطوات منهجية تكمل بعضها البعض، بهدف الوصول إلى أهداف علاجية ناجحة تحت إشراف المعالج النفسي. 

مدة العلاج السلوكي المعرفي

يعد علاجًا قصير الأمد، وذلك لأن عدد الجلسات يتراوح ما بين 10-20 جلسة.

لكن يعتمد ذلك على عدة عوامل، مثل:

  1. شدة الأعراض التي يعانيها المريض.
  2. مدى الدعم العاطفي الذي يتلقاه من المحيطين به، وتفهمهم لحالته.
  3. الضغوطات العصبية التي يواجهها.
  4. مدة الاضطرابات النفسية التي عصفت بالمريض. 
  5. الفترة التي يستغرقها في التحسن. 

مميزات العلاج السلوكي المعرفي

العلاج السلوكي المعرفي

تتضمن مميزاته الآتي:

  1. عدد الجلسات محدد، بالإضافة إلى قصر الفترة الزمنية اللازمة للعلاج.
  2. تطبيقه وفق خطة محكمة ونهج معين.
  3. إمكانية استخدامه للحالات التي لا تستجيب للعلاج الدوائي.
  4. استمرار الاستفادة من خلاصة النصائح حتى بعد انتهاء العلاج.
  5. قد تكون الجسات فردية أو في مجموعات وفقًا لراحة المريض.

عيوب العلاج السلوكي المعرفي

توجد بعض الصعوبات التي تؤثر في مدى استفادة الشخص من ذلك العلاج، مثل:

  1. لا بد من المشاركة الفعالة بين المريض والمعالج النفسي.
  2. قد لا يناسب بعض الأشخاص، مثل الذين يعانون اضطرابات التعلم أو الأمراض النفسية المعقدة.
  3. قد تسبب الجلسات التوتر للبعض وعدم الراحة.
  4. لا يتعامل ذلك العلاج مع المشكلات الخارجية المؤدية إلى خلل التفكير؛ وذلك لأنه يركز على تغيير الأنماط الفكرية.

نصائح هيلثاوي للاستفادة من جلسات العلاج المعرفي السلوكي

سأسدي إليك -عزيزي- عدة نصائح تساعدك على الاستفادة من خطوات هذا العلاج:

  1. المشاركة الفعالة مع المعالج النفسي ومشاركته أفكارك بصدق وشفافية.
  2. الالتزام بالخطة العلاجية واتباعها باحكام.
  3. عدم تعجل الأمور والنتائج والتحلي بالصبر.
  4. اتباع المهام والواجبات الموكلة إليك.
  5. في حال عدم شعورك بالتحسن بعد عدة جلسات يجب إخبار المعالج النفسي، وذلك لتغيير الخطة العلاجية.

في الختام، لا تيأس -عزيزي- واستعن بالله؛ فدائمًا هناك دواء لكل داء؛ فعقلك هو سلاحك لمواجهة تحديات الحياة.

وتذكر دائمًا أن العلاج السلوكي المعرفي يساعدك على التخلص من خلل الأنماط الفكرية التي قد تهلك حياتك وتعرف بها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى