الأمراض النفسية

القلق الاجتماعي | أكثر من مجرد خجل

أشعر وكأن هناك قيوداً على معصمي، وكأن لساني قد تجمد، الجميع ينظر إلي، ويبدو أنني لا أعجبهم لسبب ما… إنه القلق الاجتماعي

قد يحرم القلق الاجتماعي البعض من عيش أفضل لحظات حياتهم، أو أن يستكشفوا كامل قدراتهم أثناء الدراسة أو العمل. يظن الآخرين أن ما أنت فيه هو “خجل” لكن الأمر أعمق من ذلك. 

الخجل، شعور نشعر به جميعاً في بعض الأحيان خاصة عند تجربة شيء جديد، لكن ليس الجميع قادرين على تخطي هذا الشعور والخوض في شأن ما، وهذا بسبب اضطراب نفسي أصابهم وهو اضطراب القلق الاجتماعي. 

في هذا المقال سنتعرف على القلق الاجتماعي والذي يسمى أيضاً الرهاب الاجتماعي، أعراضه، أسبابه، وطرق العلاج والتخلص منه، آملين أن نكسر تلك القيود التي تقيدك، فهل أنت جاهز؟ 

 

ما هو القلق الاجتماعي

القلق الاجتماعي – أو الرهاب الاجتماعي – هو اضطرابٌ نفسيٌّ شائعٌ يُصيبُ ملايين الأشخاص حول العالم.

 يتميّزُ هذا الاضطرابُ بخوفٍ شديدٍ من المواقف الاجتماعية، ممّا يُسببُ للشخصِ قلقًا بالغًا وتوترًا مُفرطًا عند التفاعل مع الآخرين.

المصاب بالرهاب الاجتماعي يشعر أن الجميع ينظرون إليه ويحكمون عليه، مما يؤدي إلى رغبته في تجنب أي موقف يكون فيه أي احتكاك بأي أحد. 

يعتذر عن المناسبات العائلية، يرفض تماماً الوقوف والتحدث أمام الناس، يشعر بالحرج من أقل الأشياء حتى وإن كان مجرد التحدث إلى الكاشير في السوبرماركت، ويرجو أن لا ينادي الأستاذ على اسمه في الفصل أو أن يوجه له سؤالاً. 

حتى أن الرهاب الاجتماعي قد لا يمنعه تماماً من مواصلة حياته إلا أنه يظل يشعرر بالرهبة أو بالتوتر الشديد أثناء إنجازه لإحدى تلك المهام، التي يعتبرها الآخرون عادية.

 

أعراض القلق الاجتماعي

ذكرنا في الجزء السابق بعض الأمثلة التي تدل أن الشخص مصاب بالرهاب الاجتماعي، ولكن دعونا نجمل ما يمكن أن يشعر به مريض الرهاب الاجتماعي: 

  • الخوف الشديد من التقييم السلبي من قبل الآخرين.
  • الخوف من الإحراج أو الإهانة أمام الآخرين.
  • تجنب المواقف الاجتماعية أو تحمّلها بصعوبةٍ بالغة.
  • الشعور بالتوتر والقلق قبل أو أثناء المواقف الاجتماعية.
  • الخوف من التحدث أمام الآخرين أو التعبير عن الرأي.
  • الخوف من تناول الطعام أو الشراب أمام الآخرين.
  • الخوف من استخدام وسائل النقل العام أو الأماكن العامة.
  • الشعور بالتوتر عند التواجد في أماكن مغلقة أو مزدحمة.
  • ظهور أعراضٍ جسدية مثل: التعرق، والارتجاف، وسرعة ضربات القلب، وضيق التنفس، واحمرار الوجه.

 

ما الذي يؤدي للإصابة بهذا الاضطراب؟

قد تتساءل، لماذا أشعر بهذا الشكل، أو ما الذي يجعل ابني أو أخي خجولاً إلى هذه الدرجة؟ في الحقيقة لا يوجد سببٌ
واحدٌ محددٌ للقلق الاجتماعي، لكن تشيرُ الأبحاثُ إلى أنّ مزيجًا من العوامل الوراثية والبيئية يلعبُ دورًا في تطوّره.
وتشملُ هذه العوامل:

  • العوامل الوراثية: تلعبُ الجيناتُ دورًا في زيادة استعداد الشخص للإصابة بالقلق الاجتماعي.
  • العوامل البيئية: مثل التعرض لتجارب سلبيةٍ في الطفولة، أو التعرض للتنمّر أو الإساءة، أو وجود أفرادٍ في
    العائلة يُعانون من القلق الاجتماعي.
  • العوامل الشخصية: مثل انخفاض الثقة بالنفس، أو الميل إلى التفكير السلبي، أو الخوف من الفشل.

 

مضاعفات القلق الاجتماعي

إلى أي حد قد تتفاقم المشكلة إذا لم تعالج؟ 

يمكن أن يُؤدّي القلق الاجتماعي إلى العديد من المضاعفات، منها:

  • العزلة الاجتماعية: قد يُصبحُ الشخصُ مُنعزلًا عن العائلة والأصدقاء بسبب خوفه من التفاعل الاجتماعي.
  • مشاكل في العمل أو الدراسة: قد يُواجهُ الشخصُ صعوبةً في التركيز أو الإنجاز في العمل أو الدراسة
    بسبب القلق والتوتر.
  • الاكتئاب: قد يُصبحُ الشخصُ مُعرضًا للإصابة بالاكتئاب بسبب الشعور بالعزلة والفشل.
  • إساءة استخدام المواد المخدّرة والكحول: قد يلجأُ الشخصُ إلى تعاطي المخدّرات أو الكحول للتغلّب
    على أعراض القلق الاجتماعي.
  • الانتحار: في بعض الحالات الشديدة، قد يُفكّرُ الشخصُ في الانتحار بسبب الشعور باليأس والإحباط.

 

علاج الرهاب الاجتماعي

لحسن الحظ، يُمكنُ علاجُ الرهاب الاجتماعي بفعاليةٍ كبيرة. وهناك عدد من الخيارات العلاجية المتاحة  وتشملُ خيارات العلاج:

  • جلسات العلاج النفسي: مثل العلاج المعرفي السلوكي، الذي يُساعدُ الشخصَ على تغيير أفكاره وسلوكياته السلبية.
    من خلال الجلوس والتحدث مع المعالج النفسي، ستتمكن من معرفة الأسباب التي تجعلك تفكر بشكل معين، وسينبهك إلى العلامات التي تبدأ عندها بالانحراف عن التفكير بشكل منطقي والانجراف في طوفان الأفكار السلبية التي يسببها الرهاب الاجتماعي.
    ثم سيدربك على تغيير طريقة التفكير تلك وعلى طرق السيطرة على أفكارك بحيث تتمكن من إتمام التعاملات اليومية البسيطة دون قلق، ودون أن تدري ستكتشف أنك قد تخلصت من مشكلتك بالفعل!.
  • الأدوية: في بعض الحالات الشديدة، تساعد بعض الأدوية مثل مضادات الاكتئاب ومضادات القلق على تخفيف أعراض القلق.
    تقوم هذه الأدوية بضبط مستويات النواقل العصبية الهامة في المخ والتي تمكنك أنت بالتالي من ضبط مشاعرك والتحكم بها، مما يسهل عليك حياتك اليومية بشكل كبير، ويسهل على الطبيب النفسي عمله معك.
    من الضروري عند البدء باستخدام الأدوية الالتزام بتعليمات الطبيب فيما يخص الجرعة ووقت تناولها… 
  • التغييرات في نمط الحياة: مثل ممارسة الرياضة بانتظام، والحصول على قسطٍ كافٍ من النوم، وتناول نظامٍ غذائيٍّ صحيّ. يساعدك هذا أولاً على ضبط مستويات الهرمونات في جسمك، كما يمنحك ثقة عالية بالنفس تجعلك تقف بلا خوف في تعاملك مع الآخرين. 

 

طرق الوقاية من القلق الاجتماعي:

يقولون الوقاية خير من العلاج، ورغم أنه لا توجد طريقةٌ مؤكدةٌ لمنع الإصابة بالقلق الاجتماعي، فإنه يمكن اتباع بعض الخطوات للحدّ من خطر الإصابة به، أو لتخفيف أعراضه في حال الإصابة به، أو لمنع الانتكاس بعد العلاج منه وتشمل هذه الخطوات:

  • الحصول على مساعدةٍ مُبكرة: كلما تمّ تشخيصُ القلق الاجتماعي وعلاجه مبكرًا، زادت فرصُ الشفاء التامّ.
  • الاستمرار في جلسات العلاج النفسي: يُمكنُ للعلاج النفسيّ أن يُساعدَ على منع تطوّر القلق الاجتماعي،
    أو على تحسين الأعراض في حال الإصابة به.
  • ممارسة الرياضة بانتظام: تُساعدُ الرياضةُ على تحسين الحالة المزاجية وتقليل التوتر والقلق.
  • الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم: قلةُ النوم تُفاقمُ أعراضَ القلق، لذا يجبُ الحرصُ على الحصول على 7-8 ساعاتٍ من النوم كلّ ليلة.
  • تناول نظامٍ غذائيٍّ صحيّ: يُمكنُ للنظام الغذائيّ أن يُؤثّر على الحالة المزاجية، لذا يجبُ الحرصُ على تناول
    نظامٍ غذائيٍّ غنيّ بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة.
  • الانضمام إلى مجموعات الدعم: تُوفّرُ مجموعاتُ الدعم فرصةً للتواصل مع أشخاصٍ آخرين يُعانون من القلق الاجتماعي، ممّا يُساعدُ على الشعور بالراحة والتقليل من الشعور بالوحدة.

القلق الاجتماعي ليس عيبًا أو ضعفًا، بل هو اضطرابٌ نفسيٌّ يُمكنُ علاجه بفعالية. إذا كنتَ تُعاني من أعراض القلق الاجتماعي، فلا تتردّد في طلب المساعدة من أخصائيٍّ نفسيٍّ مُؤهّل. مع العلاج المناسب، يمكنك التغلّب على القلق الاجتماعي والعيش حياةً سعيدةً وناجحة، ونحن في هيلثاوي – موقعكم الأول لكل ما يخص الصحة النفسية والجسدية – سنحاول أن نضمن لكم هذه الحياة من خلال تزويدكم بالمعلومات القيمة والمفيدة.

المصدر
mayoclinic.orgnimh.nih.govmayoclinic.org

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى