الأمراض النفسية

محاولة لفهم تصرفات مريض الاكتئاب | لماذا يؤذي نفسه؟

هل سبق لك أن تساءلت عن السبب وراء تغير سلوك أحد أحبائك فجأة؟ هل لاحظت عليه حزناً دائماً، ابتعاداً عنك وعن أصدقائه، عدم رغبته في تناول الطعام، وتراجعاً في مستواه الدراسي أو المهني؟ ربما يكون هذا الشخص يعاني من الاكتئاب. 

الاكتئاب ليس مجرد شعور بالحزن المؤقت، بل هو مرض نفسي معقد يؤثر على الأفكار والمشاعر والسلوك. 

في هذا المقال، سنحاول فهم مريض الاكتئاب، في محاولة منا لفهم تصرفات المصابين به، وبناء على هذا الفهم نعرف التعامل الصحيح معهم والذي قد يكون طوق نجاة لهم مما يعانونه.

 

ما هو الاكتئاب

تصرفات مريض الاكتئاب هي نتيجة للمرض الذي يعانيه، ولذلك يجب علينا فهم ماهية هذا المرض.

 الاكتئاب هو اضطراب مزاجي شائع يؤثر على الملايين حول العالم. 

يسبب الاكتئاب شعوراً باليأس والحزن الشديد، ويؤثر على قدرة الشخص على الاستمتاع بالحياة وممارسة أنشطته اليومية.

وحتى لا نتسرع بالحكم على من تم تشخيصهم، فيجب أن نوضح أن كيمياء المخ لديهم تأثرت بشكل كبير وأصبحوا يعيشون في مأساة دائمة، أو على الأقل فإن كيمياء أدمغتهم تعطيهم هذا الشعور الدائم بالهم والحزن. 

نعم، ليس مجرد خلاف بسيط مع رئيس العمل، أو درجة سيئة في الامتحان، مريض الاكتئاب تراكمت عليه الظروف السيئة، فربما يحاول عقله تهوين الأخبار السيئة التي يتلقاها عن طريق الدخول في هذه الحالة. 

النواقل العصبية الأساسية في الدماغ والمسئولة عن السعادة والرغبة والنشاط، وأهمها السيروتونين، تكون مستنفذة تماماً عند مريض الاكتئاب، وهو ما يفسر سلوكه، وتغير رغباته. 

 

أسباب الإصابة بالاكتئاب

أسباب الإصابة بالاكتئاب معقدة ومتعددة، وقد تشمل:

  • العوامل الوراثية: إذا كان قد تم تشخيص أحد أفراد العائلة بالاكتئاب من قبل فهناك فرصة أعلى أن يصاب الشخص بالاكتئاب.
  • التغيرات الكيميائية في الدماغ: اختلال توازن المواد الكيميائية في الدماغ، مثل السيروتونين والدوبامين والنورإبينفرين، وهو يعد النتيجة النهائية لجميع العوامل المذكورة في هذه القائمة.
  • الأحداث الحياتية الصعبة: تتابع الأحداث الصعبة مثل فقدان شخص عزيز، الطلاق، أو فقدان الوظيفة، كلها أمور قد تؤدي إلى الوصو إلى الخلل الذي تحدثنا عنه.
  • الأمراض الجسدية: بعض الأمراض المزمنة، مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم، قد تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب.
  • استخدام بعض الأدوية: بعض الأدوية قد تسبب الاكتئاب كأثر جانبي.

وإذا دققت النظر في هذه الأسباب، تجد أن معظم هذه الأسباب خارجة عن إرادة الشخص، فهو لم يختر أن يصاب بمرض ما أو أن يفقد شخصاً يحبه. 

قد تتساءل: “لكنه بإمكانه إدارة حياته والتعامل مع مرضه أو خسارته والمضي قدماً في حياته؟”

لكن الأمر ليس بهذه البساطة، فمريض الاكتئاب أصبح يفتقر إلى التفكير السليم، وربما يعلم أن تصرفاً معيناً قد يؤذيه، لكن مالفرق؟ فمن وجهة نظره الضرر الأكبر قد حدث بالفعل. 

 

أعراض الاكتئاب

تتنوع أعراض الاكتئاب من شخص لآخر، ولكن هناك بعض الأعراض الشائعة التي تشمل:

  • الحزن الشديد: الشعور باليأس والحزن معظم الوقت.
  • فقدان الاهتمام: فقدان الاهتمام بالأنشطة التي كانت ممتعة سابقاً.
  • تغيرات في الوزن: فقدان الشهية أو زيادة الشهية.
  • اضطرابات النوم: الأرق أو النوم الزائد.
  • التعب والإرهاق: الشعور بالتعب الشديد حتى بعد الراحة.
  • الشعور بالذنب أو القيمة الذاتية المنخفضة.
  • صعوبة في التركيز أو اتخاذ القرارات.
  • أفكار انتحارية.

 

تصرفات مريض الاكتئاب

أصبحت تعرف الآن أن اضطراب النواقل العصبية في الدماغ، والذي يسبب الاكتئاب، يؤدي إلى ظهور مجموعة من التصرفات التي قد تبدو غريبة وغير مفهومة للأشخاص المحيطين بالمريض. 

هذه التصرفات قد تشمل:

  • العزلة الاجتماعية: يميل مرضى الاكتئاب إلى تجنب التفاعل الاجتماعي والعزلة عن الأصدقاء والعائلة، فتجده يعتذر عن التجمعات والمناسبات، وغالباً ما يستخدم سماعات الهاتف لتجنب أن يتحدث معه شخص ما. 
  • التغيرات في أنماط النوم: قد يعاني المريض من الأرق وعدم القدرة على النوم، أو أنه قد يعاني من فقدان الطاقة والنوم لفترات طويلة.
  • تغيرات في الشهية: قد يفقد المريض الشهية ويبدو عليه الشحوب وفقدان الوزن، أو أنه يعوض عن مشاعره السلبية التي لا يمكنه تغييرها بالأكل، فتزداد شهيته بشكل كبير.
  • التهيج والعدوانية: قد يصبح المريض سريع الانفعال وعدوانياً.
  • إهمال المظهر الشخصي: قد يفقد المريض الاهتمام بمظهره الخارجي.
  • صعوبة في التركيز والانتباه.
  • أفكار سلبية متكررة: قد يركز المريض على السلبيات ويقلل من الإيجابيات.

 

العلاجات المتاحة للاكتئاب

حسنا، فهمت أن الاكتئاب هو أشبه بالرمال المتحركة، التي كلما تحاول الخروج منها كلما توغلت فيها أكثر وأكثر، فهل هناك أمل؟

بالتأكيد، هناك العديد من العلاجات الفعالة للاكتئاب، والتي قد تشمل:

  • العلاج الدوائي: الأدوية المضادة للاكتئاب تساعد على استعادة التوازن الكيميائي في الدماغ.
  • العلاج النفسي: يساعد العلاج النفسي، مثل العلاج السلوكي المعرفي، المريض على تغيير أنماطه التفكيرية والسلوكية السلبية.
  • العلاج الكهربائي: يستخدم في الحالات الشديدة من الاكتئاب التي لا تستجيب للعلاجات الأخرى.
  • العلاج بالضوء: يستخدم في علاج الاكتئاب الموسمي.

 

طرق الوقاية من الانتكاس لمريض الاكتئاب

بعد التعافي من أعراض الاكتئاب والسيطرة عليها، من المهم اتباع بعض النصائح للوقاية من الانتكاس:

  • الالتزام بالعلاج: الاستمرار في تناول الأدوية والذهاب إلى جلسات العلاج النفسي.
  • ممارسة الرياضة بانتظام: تعتبر الرياض من أكثر الخطوات العملية لمكافحة الاكتئاب والمشاعر السلبية الأخرى، فهي تفرغ قليلاُ من الألم النفسي، كما أنك تساعد جسمك على تحسين الدورة الدموية وضبط معدلات النواقل العصبية والهرمونات المفيدة، كما أنها تمنحك مساراً جديداً للتطور ورؤية النتائج، وهو ما يفتقده كثيراً مريض الاكتئاب.
  • الحصول على قسط كاف من النوم. 
  • تجنب المواد المنبهة مثل الكافيين والنيكوتين.
  • البحث عن الدعم الاجتماعي: مواصلة التحدث مع الأصدقاء والعائلة، وبناء علاقات جديدة مع دوائر مختلفة من الناس أو الانضمام إلى مجموعات دعم.

 

التعامل الصحيح وكيفية دعم مريض الاكتئاب

هل تذكر عندما شبهنا الاكتئاب بالرمال المتحركة؟ أعتقد أن أفضل طريقة للخروج من الرمال المتحركة هي أن يقوم شخص ما بسحبك منها. 

كذلك، المتواجدون بالقرب من مريض الاكتئاب هم بمثابة طوق النجاة له، فهم يرون ما لا يراه، ويعرفون الصواب والخطأ، لكن عليهم تقديم المساعدة بطريقة جيدة ولا تؤذي المريض أكثر.

ويمكنك دعم مريض الاكتئاب من خلال:

  • الاستماع إليه بانتباه: امنحه مساحة للتعبير عن مشاعره دون حكم.
  • تقديم الدعم العاطفي: طمئنه بأنك بجانبه دائماً.
  • تشجيعه على طلب المساعدة: شجعه على التحدث مع الطبيب أو أخصائي نفسي.
  • تجنب إلقاء اللوم عليه: تذكر أن الاكتئاب ليس اختياراً.
  • الاهتمام بنفسك: لا تهمل احتياجاتك الخاصة أثناء دعم شخص آخر، حتى لا تسقط أنت أيضاً في فخ الرمال المتحركة. 
  • الوقاية خير من العلاج: في مرحلة معينة وبعد قطع شوط من العلاج والتحسن، يجب عليك تذكيره بخطوات الوقاية التي تكلمنا عنها بالأعلى، أو فقط قم بإرسال لينك المقال له. 

 

الاكتئاب هو مرض معقد ولكنه قابل للعلاج. مع العلاج المناسب والدعم ممن حول المريض، يمكن له التعافي والتغلب على هذا الاضطراب. 

إذا كنت تعاني من أعراض الاكتئاب، أو تعرف شخصاً يعاني، فلا تتردد في طلب المساعدة. تذكر أنك لست وحدك، وهناك العديد من الأشخاص الذين يرغبون في مساعدتك.

وتذكر أننا في هيلثاوي نريد لك الخير، فتابع قراءة المزيد من المحتوى الذي قد يساعدك في تخطي محنتك.

المصدر
mentalhealth.org.ukwho.intncbi.nlm.nih.gov

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى