هيلثاوي حكاوي

هل أنت سعيد؟

Last Updated on: 9th سبتمبر 2021, 10:06 م

هل أنت سعيد؟

هل أنت سعيد؟ إن كانت الإجابة: نعم، فلماذا أنت سعيد؟ وكيف تحافظ على هذه السعادة؟  وما الأسباب التي تجعلك سعيدًا؟ وإن كانت الإجابة: لا، فلماذا أنت غير سعيد؟، وما الذي يجب عليك فعله كي تكون سعيدًا؟ أو كيف تكون سعيدًا؟ 

من فضلك أحضـِر ورقة وقلم، وكوبًا من مشروبك الساخن المفضل، وهيا بنا في رحلة

.صغيرة مع السعادة

السعادة واضطراب ثنائي القطب

 سوف تكون قصتي في هذه الكلمات لأصدقائي الذين تم تشخيصهم بثنائي القطب، فالسعادة يا رفاق متعلقة بالعقل والقلب، وكلامي هنا لأصحاب ثنائي القطب فقط

 إذ يعاني الذين شُخـّصوا  بثنائي القطب من خلل في الدماغ ينتج عنه تغير حاد ومزمن في المزاج

 .تحدث السعادة  يا رفاق عند الاتزان، اتزان القلب -وأعني هنا المشاعر والأحاسيس

 و يعني اتزان العقل أنه لا يوجد هوس أو اكتئاب أو فرط حركة أو تصرفات وأفكار غريبة، ولقد سمي القلب قلبًا لكثرة تقلبـِه، وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم  “اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك

 ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام في حديث طويل: يصبحُ الرجل كافرًا ويمسي مؤمنًا ، ويمسي الرجل مؤمنًا ويصبح كافرًا

 فإن كنت تعاني من تقلب المزاج يا صديقي فلا تقلق، فهذا هو الطبيعي بلا شك، ولكن الأهم ألا يستمر طويلًا

وكما تعلم فإن الأساس في العلاج هو استخدام مثبتات المزاج لتقليل أعراض الهوس والاكتئاب.

مفهوم مختلف للسعادة 

 سمعت أحد المشاهير يقول مقولة أعجبتني جدًّا، قال: إن السعادة هي الوصول  لأعلى قدرٍ ممكن من

اللذة وأقل قدر من الألم.

 لكن لا يناسب هذا أصدقائي أصحاب ثنائي القطب، وكنت بحثت عن السعادة في القرآن فلم أجدها إلا في قوله تعالى: وأما الذين سعدوا ففي الجنة

ويتضح مما سبق أن النعيم الحقيقي في الجنة، حيث الخلود والرضوان ورؤية الرحمن، 

وصحبة النبي محمد والصحابة الكرام، فالدنيا يا صديقي منزل بالإيجار، أما الأخرة منزلك المملوك

 ويكفي أن الدنيا دار فناء، حتى قال إبراهيم بن أدهم: “والله إننا لفي سعادة لو علمها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف!

ويقصد هنا لذة وسعادة الطاعة، وعدم الخوف على ضياع الملك، وعدم الإنشغال بالملك عن عبادة الله 

واللهِ إن ملوك الدنيا مساكين! يقضون أعمارهم على الملك خائفين ومحافظين

كما تحدث عن نفس المعنى شيخ الإسلام ابن تيمية عندما سُجـِن في دمشق، فكانت السعادة في قلبه

 إذ قال الإمام ابن تيمية: “لو قتلوني فقتلي شهادة، ولو نفوني فنفيي سياحة، ولو سجنوني فسجني خلوة “ فكان لا يهاب الموت، بل يتمني من الله الشهادة، وكان يرى في السجن فرصة لطاعة الله، ومطالعة كتب العلم المختلفة.

وكان يرى في النفي متعة واستراحة وفرصةً للتعرف إلى ثقافات جديدة

مصدر السعادة 

 عليك أن تعلم أنّ سعادة المرء في قلبه وعقله، فبإمكانك أن تكون سعيدًا فقط بتغيير بعض أفكارك

ومع إحترامي لشيخي ابن القيم، وحبيب قلبي إبراهيم ابن أدهم، فأنا عندي تعريف للسعادة، أراه تعريفًا منطقيًّـا

 “أعتبر السعادة شيء نسبي غير ثابت، فمثلًا السعادة عند أحمد تعني المال، وعند مُحمَّد تعني الوظيفة، وعن محمود تعني الشهرة وهكذا

.عرفتُ شخصًا اعتاد أن يقول أنَّ السعادة في المال

 ولما أمتلك المال تغير عنده مفهوم السعادة، وعـَرِف أن مفهوم السعادة الحقيقي هو العلم والصحة، فبمرور السنوات تختلف الأفكار والعادات

 فنصيحتي ألا تربط السعادة بسبب، فمثلا إن كانت السعادة عندك في إمتلاك سيارة، فهل بعد إمتلاكك للسيارة تصبح سعيدا مدى الحياة؟، أم تظهر لك أهداف أخرى تسعى إلى تحقيقها؟  

 وهل إذا سُرقت سيارتك أو تعطلت تنتهي سعادتك؟ فلا تعلق سعادتك بالأشياء ولا بالأسباب، فقد قال الله جل وعلا: “لقد خلقنا الإنسان في كبد 

خطة سحرية للوصول إلى السعادة 

ويجب أن تعرف أنّ الدنيا دار مشقة، فتمنى الأفضل وتوقع الأسوأ

 يقول ستيفن أر كوفي مؤلف كتاب العادات السبعة للأشخاص الأكثر فعالية : “التغيير يأتي من الداخل” وأنا أقول “السعادة تأتي من الداخل”

 وأقصد بالداخل القلب والعقل، فكثير منا يسبب لنفسه التعاسة بسبب سوء الظن أو نظرية المؤامرة

 كنت شهدت بنفسي مشادّة بين معلمتين في إحدى المدارس، وكانت المشادة بسبب أن المعلمة الأولي ظنت أن المعلمة الثانية أخطرت مديرة المدرسة بتأخرها -وهذا لم يحدث- ولكنها من الداخل أقرت سيناريو، وتبعها فيه عقلها، ووافق عليه قلبها ،وخرج علي لسانها، وأسات لنفسها قبل أن تسئ لغيرها

 جاء كل هذا الحزن والعنف من الداخل بينما لا يوجد أساس له في أرض الواقع، فعليك بالسلام الداخلي كي تعبر للسعادة الخارجية مع البشرية

  وأنا أقول لك لكي تحقق السعادة عليك بخطة صغيرة جدًّا، تتكون من ستة بنود

 أولها: عش في حدود يومك، يا أخي ما مضى فات والله أعلم بما هو آت، فلا تحزن على ما فات، واسعَ أن تصنع في القادم المفاجآت

 وثانيها: تمنى الأفضل وتوقع الأسوأ

 وثالثها: راقب نومك وأفكارك وعاداتك وتصرفاتك ومعتقداتك،وأموالك وعلاجك

أما رابعها: فلا تفقد الأمل، فلقد قال الله تعالى: “لا تيأسوا من روح الله

 خامسها: وهي قاعدة حرف التاء (تقبـَّل / تغافل / تجاهل/ تعالى/ تغاضى)، وأولًا وأخيرًا: الجأ إلى الله -دائمًا- بالدعاء والصلاة والصدقة

 فلقد قال رسول الله صل الله عليه وسلم: “ان الصدقه تطفىء الخطيئه كما يطفئ الماء النار” وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا: “داووا مرضاكم بالصدقات 

سادسها : عليك بهذا الدعاء، فهو دعائي الخاص: اللهم إني أعوذ بك من الهلاوس والوساوس

همسة أخيرة

 أنا أنقل إليك -عزيزي القارئ – مزيجًا من خبرتي ودراستي وتجاربي، فقصتي هي قصة ملهمة لكل شخص مصاب بثنائي القطب

ولا أبالغ إن قلت: إن قصتي ملهمة لأي شخص يريد أن يغير حياته، ليس لأني الدكتور الصيدلي طه الشاعر، لكن لأني بكم شاعر

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى