التعامل مع مريض الفصام – كيف أروض آلام من أحب؟
Last Updated on: 2nd مارس 2024, 12:11 م
أخي القارئ، إذا كان أحد محبوبيك يعاني من مرض الفصام فلا تبتئس، ليست هذه النهاية وليس تشخيص الطبيب بالفصام حكماً مؤبداً، فهناك العديد ممن أصابهم هذا المرض، وتمكنوا بفضل الرعاية الطبية والدعم النفسي والمعنوي أن يتخطوا أهوال هذا المرض ويعيشوا حياة طبيعية، وفي هذا المقال سنساعدك على معرفة كيفية التعامل مع مريض الفصام من خلال بعض النصائح المجربة والمثبتة، وأول هذه النصائح هي التعرف أكثر على مرض الفصام، ونحن هنا لنسهل عليك ذلك.
ما هو مرض الفصام
إن مرض الفصام هو من الأمراض النفسية الخطيرة الذي إذا ترك دون عناية فقد يتدهور ويصبح المريض خطراً على نفسه وعلى من حوله، حيث يفسر المريض الواقع بشكل مغلوط، فيعتقد اعتقادات فاسدة عن نفسه وعمن حوله، وفيما يلي نتعرف على المزيد من أعراض مرض الفصام:
- الوهم: وهو اعتقاد المريض أموراً غير صحيحة وغير حقيقية عن نفسه أو عن الآخرين، كأن يعتقد أنه مراقب أو أن شخصاً بعينه يخطط لإحداث الضرر به أو أن كارثة كبيرة ستحدث قريباً.
- الهلوسة: وهي سماع أصوات أو رؤية أشياء غير حقيقية، ومن ذلك أنه يظن أن هذه الأصوات قد تأمره أو تنهاه عن شيء ما.
- الانعزال: وذلك يكون إما لسوء حالة المريض وانشغاله بما يعانيه عن التواصل مع من حوله، أو بسبب الإحراج والعواقب التي يجنيها على نفسه بسبب نوبات الفصام.
- التفكير غير المنتظم: ويظهر ذلك جليا أثناء التحدث، فربما تجده يتحدث في مواضيع لا علاقة لها ببعضها أو يجيب على الأسئلة بإجابة لا علاقة لها بالسؤال، وربما تجده ينطق بجمل غير متسقة أو كلمات غير مفهومة.
- تصرفات حركية غير منتظمة: كتصرفات الأطفال غير المسؤولة، أو اتخاذ وضعيات غير لائقة، أحياناً يكون ذلك بالتصلب تماماً وعدم الاستجابة لأي شيء، أو حركات متكررة لا داعي لها ولا فائدة منها.
ولمعرفة المزيد عن مرض الفصام وأعراضه وطرق وعلاجاته، ستجد ضالتك في الفيديو التالي:
ما هي أسباب الفصام؟
لم يتمكن العلماء من تحديد سبب محدد للمرض، لكن هناك عدة عوامل تعجل من ظهور الأعراض وتجعلها أسوأ.
أغلب من يعانون من مرض الفصام قد مروا بظروف نفسية واجتماعية صعبة ولم يتلقوا خلالها دعماً نفسياً جيداً، كما أن هناك عدد من النواقل العصبية في المخ مثل السيروتونين والدوبامين والجلوتاميت والتي يؤدي اختلالها إلى تسارع الأعراض وظهور النوبات. كما أظهر تصوير الأعصاب اختلافاً في تركيب المخ عند الأشخاص المصابين بالمرض، وربما لم يعلم العلماء مدى تأثير هذا الاختلاف على حالة المريض لكنه يستخدم كأداة جيدة لتشخيص المرض.
كيفية التعامل مع مريض الفصام
من قراءتك للأعراض ستعلم أن مرضى الفصام يعيشون معاناة ربما لا يمكننا تصورها، حياة من الخوف والقلق والغضب والاكتئاب، وكان من الضروري أن تفهم ذلك لتتمكن بعد ذلك من تقدير حالته وعدم لومه عند التصرف بغرابة أو بعدوانية، وليكن هذا الفهم هو الأساس في طريقة التعامل مع مريض الفصام.
إن أول ما يخطر بالبال عند الإصابة بالمرض هو الذهاب للطبيب، أليس كذلك؟ ليس في حالة الفصام، فعندما يبدأ من حول المريض بتوجيهه للكشف وتلقي العلاج يرفض في الغالب، ومن الطبيعي أن تسأل: لماذا لا يريد مريض الفصام الذهاب إلى الطبيب وتلقي العلاج؟ بعض أسباب ذلك تكون:
- غياب الأعراض الجسدية: إن نفس المريض ربما يتوجه من تلقاء نفسه للطبيب عندما يصيبه البرد أو يشعر بآلام في المفاصل أو غير ذلك مما يصيبه بالأعراض الجسدية المؤلمة، وغياب ذلك في مرض الفصام وخاصة في مراحله الأولى يجعل المريض يقول: “أنا لست مريضاً، لا أحتاج المساعدة!”
- طبيعة المرض ذاتها: فالمرض يجعل المريض يلقي باللوم على الآخرين عند حدوث بعض الأمور المؤسفة، وعند طلب الآخرين منه أن يتوجه للطبيب ربما يخشى أن تكون هذه مكيدة أو أنهم يدبرون أمراً ما له.
- الخوف من العار، أو أن يصفه الناس بالجنون: حتى بعد إدراك المريض أنه بحاجة للعلاج فإنه يحسب حساباً لمظهره أمام الناس ويخاف من حكمهم عليه.
- اليأس والشعور أن هذه المشكلة لا علاج لها.
هناك العديد من الأسباب، وكان من الواجب أن نفهم بعضها حتى نتمكن من معالجة هذه الأمور عند محاولة إقناع المريض بالذهاب للطبيب.
نصائح لكيفية التعامل مع مريض الفصام الذي يرفض الذهاب للطبيب النفسي
هناك عدد من النصائح التي توصلنا إلى تواصل أفضل مع مريض الفصام وبالتالي تزيد إمكانية إقناعه بالذهاب لتلقي العلاج، ومن هذه النصائح:
- لا تظهر السلبية والانزعاج تجاه المريض، لا تلمه على ما يحدث معه ولا تكرر عبارات مثل “لم لا تجمع شتات نفسك” أو “انضج وكف عن هذه التصرفات” أو أي عبارات سلبية أخرى، فأنت تعلم الآن أنه “مريض” ويحتاج المساعدة، كما أن ذلك لن يزيده إلا عناداً ولن يزيد حالته إلا سوءً.
- أعطه حرية الاختيار: المريض سيشعر بالراحة أكثر إذا كان يملك رأياً وخياراً، فلا تجبره على الذهاب إلى ذاك الطبيب المشهور، بل اطرح عليه عددا من خيارات العلاج، وناقش معه أيهم يظنه هو أفضل. سيقلل ذلك من احتمالية أن تصيبه أعراض الوهم ويعتقد أنك قد تضره، لأنه هو من اختار الطبيب ، وعموماً فإن منح المريض قدراً من التحكم يفيده ويدربه على السيطرة على حياته مجدداً.
- انصحه بالذهاب لتلقي العلاج لكن لا تصرح بالمرض، لكن تناول عرضاً معينا من أعراض المرض والتي قد يعاني منها المريض فعلاً مثل الأرق وقلة النوم، أو الاكتئاب والحزن، لا تذكر لفظ الفصام أمامه، هذا سيجعله أكثر تجاوباً حيث يعلم أنه لن يتهمه أحد ب”الجنون”، فهو ذاهب فقط ليتمكن من النوم.
- ساعده على الاعتناء بصحته العامة، بممارسة الرياضة واتباع نظام غذائي صحي يضمن له احتياجاته الغذائية دون سكريات وأملاح زائدة أوغير ذلك مما يفسد الصحة بشك عام، فذلك له أثر إيجابي كبير على صحته وعلى تحسن حالة الفصام.
- كن مستمعاً جيداً، تواصل معه واسمع منه مستخدماً العاطفة لا الذكاء والحجة، فليس هذا ما يحتاجه.
- اعتن بنفسك، اذهب انت لطبيب نفسي إذا احتاج الأمر لمعالجة ما قد تمر به أنت من مشاكل أولاً ثم ليعللمك اكثر عن المرض وعن كيفية التعالم مع مريض الفصام.
من الاعتناء بنفسك أيضاً أن تتناول غذاء صحياً وأن تمارس الرياضة.
كل هذا سيساعدك على إقناع المريض بالذهاب إلى الطبيب النفسي، بل وسيحسن من حالة الفصام ويباعد بين نوباته الشديدة.
بعد أن اقتنع المريض وذهب إلى الطبيب، كيف نستمر في مساعدته؟ لا تقلق بهذا الشأن فهذا ما سنتحدث فيه تالياً.
الخطوات العملية للتعامل مع مرضى الفصام
- أولا: الذهاب للطبيب وبدء برنامج العلاج:
لن نطيل الحديث هنا فمن المفهوم أن هذه هي الخطوة الأولى، وأن مساعدتنا ووجودنا بجانب أحبائنا لإقناعهم بهذه الخطوة أمر ضروري، لا لبدء العلاج فقط بل للاستمرار فيه أيضاً. - ثانياً: بناء شبكة دعم لك وللمريض:
لابد أن نكون واقعيين، من الصعب أن تساعد مريضاً وتسير معه في رحلة التعافي وحيداً، كيف سيمكنك مساعدته إذا كنت تعباً مرهقاً؟
تواصل مع الأهل والأصدقاء الذين تعلم أنهم لن يريدوا إلا الخير لك وللمريض، واعرف من منهم يمكنه أن يقوم بالمساعدة، من منهم يمكنك أن تلجأ إليه في حالة عودة نوبة الفصام أو الذهان للمريض، من سيوصل المريض للمشفى إذا لزم الأمر. كذلك تواصل مع الجهات المسؤولة التي يمكنها المساعدة ومد يد العون لك من مستشفيات وغيرها، وحيث أن هذا المرض تأتي أعراضه على شكل نوبات، فإن الفترة التي بين النوبات يتمكنك من التعاون مع المريض لبناء هذه الشبكة. - ثالثاً: مراقبة الخطة العلاجية:
وذلك عن طريق أن تحرص أولاً على التزام المريض بتناول جرعاته من مضادات الفصام وغيرها من الأدوية التي قد يكتبها الطبيب، استخدم منبهاً خاصاً بمواعيد الجرعات أو أي وسيلة تضمن أن المريض لن يغفل عن جرعته.
بعد ذلك يجب أن ننتبه جيداً للأعراض الجانبية، فقد يتوقف المريض عن تناول الدواء لانزعاجه من أحد أعراضه الجانبية، تابع عن كثب تأثر المريض بأي من هذه الأعراض وأعلم طبيبه فوراً لمناقشة البدائل.
أخيراً يجب أن نتابعتحسن حالة المريض واستجابته للدواء وذلك بمراقبة الأعراض، ومنالأفكار التي قد تساعدك في ذلك إعطاء المريض مذكرة ليدون بها ما يشعر به باستمرار. وذلك لمساعدة الطبيب في تقييم نجاح العلاج وما إذا كنا بحاجة لضبط الجرعات. - رابعاً: الوقاية من الانتكاس:
والسبب الرئيسي للانتكاس هو التوقف عن العلاج أو عدم الانتظام عليه، وعلى الرغم أن النوبة أو الانتكاسة قد تحدث حتى عند الانتظام على العلاج إلا أننا سنخفف كثيراً من حدتها. وفيما يلي بعض العلامات التي تدل أن المريض يوشك على الانتكاس:
– الأرق
– العدائية
– الانعزال
– إهمال النظافة الشخصية
– الهلوسة
إذا لاحظت إحدى هذه العلامات فبادر بالتواصل مع الطبيب ليعلمك بالخطوة اللازمة. - خامساً: اتخاذ الاحتياطات اللازمة حين وقوع الانتكاسة:
لابد من اتخاذ التدابير ووضع خطة للسيطرة على الوضع إذا خرجت الحالة عن السيطرة، ومن هذه التدابير وجود خط اتصال ساخن بينك وبين المشرفين على حالة المريض، كذلك يجب أن يكون عنوان المستشفى والمنزل ورقم هاتفك أو أي من الأشخاص القادرين على مساعدة الحالة ملازماً للمريض حال وقوع الحالة خارج المنزل أو بعيداً عنك ليتمكن الناس من المساعدة.
فيما يلي عدد من النصائح لطريقة التعامل مع مريض الفصام حال النوبة:
1- تذكر أن المريض لن يكون واعياً ولا يمكنك مخاطبته بالمنطق أو تفسير أفعاله به.
2- إياك وتوجيه الحديث السلبي كالسخرية أو الألفاظ العدائية للمريض.
3- تجنب الصراخ وتحدث بصوت هادئ ومتزن.
4- تجنب النظر مطولاً في عيني المريض مباشرة، كما لا ينبغي أن تلمسه.
5- حاول أن تجلس وأن تطلب من المريض الجلوس.
6- أغلق التلفاز وأي آلات أخرى تصدر أضواءً أو أصواتاً.
7- اطلب من أي زوار ومن أي شخص لا يمكنه أن يساعد أن يغادروا، كلما قل الأشخاص كلما كان ذلك أفضل.
نتمنى أن يساعدك هذا المقال في تخطي محنة نعلم أنها ليست سهلة، لكننا نعلم أن التغلب عليها أمر ممكن، ويجب عليك أن تعلم أنك لست وحدك، وأن الأشخاص والجهات الراغبة في المساعدة كثيرة، ابحث وستجد من يساعد، تماماً كما بحثت عن هذا المقال ووجدتنا، كما ستجد في موقعنا العديد من المقالات الأخرى التي ستساعدك وتكسبك خلفية جيدة عن الصحة النفسية والبدنية، نتمنى لك ولمن تحب السلامة من كل شر.