الأمراض النفسيةالصحة النفسية

اضطراب الشخصية الحدية| البراءة والألم 

Last Updated on: 1st مارس 2024, 08:58 م

هل شاهدت صورة للحدود بين دولتي هولندا وبلجيكا؟ إن الحد الفاصل بين هاتين الدولتين هو عبارة عن خط عرضه بلاطة واحدة فقط يتم تمييزه بعلامات بيضاء على امتداده، نعم، هذا فقط! وجدت أن هذه الصورة هي أقرب ما يعبر عن حالة اضطراب الشخصية الحدية، فكما أن الشخص الواقف على إحدى جهتي ذلك الخط الفاصل بين هولندا وبلجيكا يمكنه الانتقال من دولة إلى دولة أخرى بخطوة واحدة وبسهولة تامة، يعاني المصاب باضطراب الشخصية الحدية أنه ينتقل من شعور إلى آخر بنفس السرعة والسهولة، من السعادة إلى الحزن، من الهدوء إلى الصخب، من الحب إلى الخوف، وإذا تأملت ذلك فلابد أنك ستتفهم المعاناة. 

إذا بحثت عن اضطراب الشخصية الحدية من قبل ستجد الكثير ممن يخبرونك بأسباب المرض وأعراضه وعلاجه، أنا أيضاً سأحاول أن أقوم بذلك، لكنك لن تجد الكثير ممن يحدثك عن الجوانب الإيجابية لهذه الحالة. مهلاً، هل لهذا المرض إيجابيات؟ بالضبط! من الضروري عند التعرف على الحالات النفسية خاصة أن تتعرف على جميع جوانبها حتى يسهل عليك علاجها، وتقبل ذاتك أو من حولك ممن هم مصابون بهذه الحالة، فلنبدأ. 

 

ما هو اضطراب الشخصية الحدية 

هذه المشكلة تصنف ضمن اضطرابات الشخصية وهي عديدة، ألا أن الشخصية الحدية تعد من أكثرها شيوعاً. هناك صفات أساسية تعرف بها الشخصية الحدية وهي:

  • تقلبات في الأفكار والقناعات والمشاعر، كالبحر المائج فإنك لا تتوفع أين ومتى ستتكون الموجة التالية، هذه الموجات من المشاعر المختلفة وأحياناً المتضادة قد تستمر من بضع ساعات إلى أيام عديدة. 
  • قرارات وتصرفات تلقائية، فكلما تتغير قناعات الشخص المصاب يقوم فوراً بالتصرف بناءً على قناعاته الجديدة، كأن يترك وظيفة، أو يتوقف عن الدراسة أو السفر… 
  • مشاكل في العلاقات، الأشخاص المصابون يتميزون بأنهم جياشوا العواطف، وهذه العواطف ليست دائماً إيجابية، وبما أنهم يتصرفون بتلقائية وبما تملي عليهم هذه العاطفة فربما يسبب هذا العديد من المشاكل، مما يجعلهم يتحولون من الحب المطلق إلى عدم القبول. 
  • صورة سلبية عن الذات، وأحياناً يتطور الأمر لإيذاء الذات والتفكير بالانتحار.
  • الخوف من الهجران، ورغم تقلب المشاعر إلا أن هذا الشعور يصاحب المصاب ويعاوده أكثر من غيره. 
  • في كثير من الأحيان يصبح مريض الشخصية الحدية عرضة للأمراض النفسية الأخرى كالاكتئاب والقلق المرضيّ، ويصحب ذلك حزن وغضب شبه دائمين. 

 

أسباب الإصابة باضطراب الشخصية الحدية 

اضطراب الشخصية الحدية هي حالة معقدة جداً، مما يصعب على العلماء فهم أسبابها حتى الآن، إلا أن العلماء يرجحون عدداً من العوامل التي قد تسبب الحالة أو تزيد من نسبة الإصابة بها، ومن ذلك: 

  • عوامل وراثية: يعتقد العلماء أن إصابة أحد الأقربين بالمرض يوحي بفرصة إصابة عالية للفرد.
  • أسباب بيئية ومجتمعية: إن البيئة التي ينشأ فيها الشخص تؤثر عليه بشكل كبير وقد لوحظ أن أغلب الأشخاص الذين شخصوا بالمرض لهم ماض أليم أو مروا بتجارب مأساوية. 
  • أسباب عضوية: حيث لاحظ العلماء تغيرات في شكل أماكن معينة في مخ الشخص المصاب من ضمنها مثلاً اختلافاً في مركز اتخاذ القرار في المخ، إلا أنه من غير المعلوم إذا كان هذا الاختلاف هو الذي سبب الحالة أم أن الحالة هي التي أدت إلى الاختلاف. 

 

طرق علاج اضطراب الشخصية الحدية 

كما هو الحال مع بقية مشاكل الصحة النفسية فإن إنهاء المشكلة بشكل قطعي ونهائي يكون غير مضموناً لكن هناك الكثير من الطرق التي تساعد المريض على التغلب على هذه العيوب المصاحبة للشخصية الحدية ومن ذلك:

  • جلسات العلاج النفسي: حيث يغوص الطبيب أو المعالج النفسي داخل خبايا هذه المشاعر المتقلبة محاولاً فهم الأسباب التي أدت للحالة ومعالجتها، كما يقوم بتوجيه المريض من خلال الجلسات إلى كيفية التحكم في مشاعره وعدم اتخاذ القرارات المؤذية له أو لمن حوله. 
  • جلسات العلاج الجماعية: تم تقديم هذا الأسلوب في علاج الحالات النفسية مؤخراً في عالمنا العربي، وفيه يجلس مجموعة من الأشخاص الذين يعانون من نفس المشكلة أو مشاكل أخرى للتحدث عن مشاكلهم ومشاركة تجاربهم مع الآخرين، هذا الأسلوب يساعد صاحب الشخصية الحدية ويشجعه على التفاعل مع الآخرين دون خوف.
  • العلاج الدوائي: هناك عدد من الأدوية التي قد تخفف من بعض الأعراض المؤذية لصاحب الشخصية الحدية، وكما ذكرنا فإنه في بعض الأوقات يصاحب الشخصية الحدية امراض نفسية أخرى كالاكتئاب أو القلق، وبالطبع سيكون معالجة هذا المرض المصاحب بالمهدئات ومضادات الاكتئاب مثلاً عاملاً مساعداً في تحسن الحالة. 

 

الشخصية الحدية والذكاء، ومزايا أخرى 

لا تعجل بالحكم على أصحاب اضطراب الشخصية الحدية، فقد تتوقع أن شخصية تحكمها العواطف لا تفكر كثيراً، ربما، لكنهم ربما لا يحتاجون للكثير من التفكير من الأساس، فقد ربطت الأبحاث بين الشخصية الحدية والذكاء، حيث يحرزون بشكل عام معدلات ذكاء أعلى من المعدل الطبيعي (IQ>130)، ما يمكنهم من فهم وحل المشكلات بشكل أسرع، كما يجعل الحديث معهم ثري وممتع ويمكنك أن تتعلم منهم الكثير. إلى جانب الذكاء، إليك بعض المزايا التي يمتاز بها صاحب الشخصية الحدية: 

  • قدرة كبيرة على ممارسة الفن: العاطفة القوية مع الذكاء ينتجون فناناً استثنائياً. 
  • التفاني في الحب: إذا تمكن الأهل والأقارب مع الشخص المصاب بالشخصية الحدية من التدرب على التحكم بهذه العواطف وعدم إثارة المشاعر السلبية فإنهم حينها ينفردون بالجانب الإيجابي لهذه العاطفة الجياشة. 
  • الصلابة وقت الشدة: ذكرنا أنه من سلبيات الشخصية الحدية الانفصال عن الواقع، لكن هذا له إيجابياته أيضاً، فقد تزعجه إلى حد كبير الأمور البسيطة لكن في المقابل تفاجأ بصلابته وكونه الركيزة التي يعتمد عليها الباقون وقت الأزمات. 
  • مواجهة المشكلات وعدم التهرب منها: يعود ذلك إلى طبيعتهم التي تقلق بشدة من الغموض والنهايات المفتوحة، فهم لا يتركون المشاكل دون حل، وفي العلاقات قد يكون ذلك إيجابياً، حيث لا يتركون المشاكل والمشاعر السلبية تتراكم وإنما يفصحون عنها ويتعاملون معها فوراً. 
  • الجرأة والمرح: إن التلقائية التي يتعاملون بها مع الحياة والطاقة التي يتمتعون بها في بعض الأوقات تجعل تواجدك معهم أمر ممتع ومشجع، أمر إذا استغل بشكل جيد يجعلهم ومن حولهم يمرون بتجارب ممتعة لا تنسى. 

ختامًا

فإذاً اضطراب الشخصية الحدية أمر مؤلم ولكن بالعقلية الصحيحة للمريض ومن حوله قد تتحول إلى نعمة وشخصية فريدة من نوعها تحب مجتمعها ويحبها، وما علينا فعله هو تثقيف أنفسنا تماماً كما فعلت بقراءتك لهذا المقال حتى تتمكن من التعامل مع حالتك و حالة من تحب بالشكل السليم. 

وإذا أردت تثقيف نفسك أكثر وأكثر حول مواضيع الصحة النفسية والجسدية فموقعنا مليء بهذه المواضيع التي نأمل أن تساعد وتترك أثراً جيداً.

 

المصدر
Borderline personality disorderBorderline Personality Disorder (BPD)Overview - Borderline personality disorderThe Potential Upsides to Having a Partner with Borderline

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى