الأمراض النفسية

الشخصية المكيافيلية | عفوًا الغاية لا تبرر الوسيلة

Last Updated on: 11th أكتوبر 2021, 06:52 ص

الشخصية المكيافيلية

“الغاية تبرر الوسيلة”، ذلك المبدأ السياسي الشهير الذي يُنسب إلى الدبلوماسي والكاتب “نيكولو مكيافيلي” ومنه جاء تعبير الشخصية المكيافيلية.

 

يتميز هؤلاء الأشخاص بالتلاعب والنفاق للحصول على ما يريدون.

 

لا عجب فهذا مبدأهم في الحياة “الغاية تبرر الوسيلة”، إذ لا يترددون في استخدام أي وسيلة غير مشروعة لتنفيذ غايتهم ومصالحهم.

 

فما هو اضطراب الشخصية المكيافيلية، وما أهم السمات المميزة له؟ وكيف يشخصه الأطباء؟

 

كن معنا -عزيزي القارئ- في هذا المقال لتتعرف إلى إجابات هذه الأسئلة.

 

لمحة تاريخية عن الشخصية المكيافيلية

في القرن السادس عشر، كتب المستشار السياسي والفيلسوف نيكولو مكيافيلي (الأمير)، وهو بيان من نوع ما أكد على أن الخداع والشر أهم للسياسة من الفضيلة والأخلاق.

 

إذ كتب يقول: “من المهم أن تُخشى أكثر من أن تُحب”، ومن هذه الآراء ولدت كلمة “مكيافيلي”، التي تصف أي شخص ماكر أو عديم الضمير.

 

في عام 1970، حدد علماء النفس “ريتشارد كريستي وفلورنس جيس”، المكيافيلية على أنها صفة شخصية تنطوي على التلاعب والخداع والنظرة الباردة المتنمرة للآخرين.

 

ما هو اضطراب الشخصية المكيافيلية؟

تصف إيمي داراموس -عالمة النفس الإكلينيكي في شيكاغو- الشخصية المكيافيلية على أنها شخصية متلاعبة واستراتيجية.

 

وذلك لأنهم يسعون إلى تحقيق أهدافهم بمهارة شديدة، دون أي اعتبار لمشاعر الأشخاص الآخرين المعنيين.

 

لذلك يستخدمون السلوكيات المتلاعبة للحصول على ما يريدون، بالإضافة إلى الخداع والاستغلال العاطفي، فهم لا يهتمون بتلك المشاعر.

 

تميل المكيافيلية إلى أن تكون أكثر شيوعًا عند الرجال، لكنها يمكن أن تؤثر في أي شخص وفي أي سن.

 

يقول عالم النفس الإكلينيكي الدكتور بيثاني كوك: “عند التعامل معهم، قد تجد سلوكهم ساحرًا وجذابًا، ومع ذلك لا تشعر أبدًا “بالقرب منهم”، فهم يفتقرون إلى التعاطف.

 

يسعى أصحاب الشخصية المكيافيلية إلى تحقيق أهدافهم دون أن يصبحوا مركزًا للاهتمام.

 

على عكس أصحاب الشخصية النرجسية، يقول كوك: “إنهم يميلون إلى الاستمتاع بكونهم الشخص الذي يحرك الدمية على المسرح ويمسك جميع الخيوط”.

 

تعد الشخصية المكيافيلية جزء مما يسميه علماء النفس “الثالوث المظلم” للشخصية، ويتكون هذا الثالوث من ثلاثة اضطرابات في الشخصية، وهم:

  1. المكيافيلية.
  2. النرجسية.
  3. السيكوباتية.

 

يشير علماء النفس أن جميع الاضطرابات السابقة لها سمات متداخلة بما في ذلك تجاهل مشاعر الآخرين والهوس الواضح بالذات.

 

أسباب اضطراب الشخصية المكيافيلية

يعد السبب المحدد والواضح لاضطراب الشخصية المكيافيلية غير معروف.

 

لكن يرجح الأطباء بعض الأسباب التي قد تؤدي إلى هذا الاضطراب، أهمها:

  1. الوراثة: إذ يرجح الأطباء أن نسب الإصابة ترتفع لدى الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي للاضطرابات الشخصية.
  2. سوء المعاملة في مرحلة الطفولة.
  3. التدليل المفرط للطفل أو الانتقاد الدائم له.
  4. تزيد نسبة هذا الاضطراب عند الرجال أكثر من النساء.

 

أعراض الشخصية المكيافيلية

اتفق الأطباء على وجود بعض السمات الأساسية للشخصية المكيافيلية، أهمها:

 

  • التركيز على الطموح والاهتمام.
  • إعطاء الأولوية للمال والسلطة على العلاقات.
  • غالبًا ما يكونون ذوي شخصية ساحرة واثقة من نفسها.
  • استغلال الآخرين والتلاعب بهم للوصول إلى أهدافهم.
  • الكذب والخداع عند الحاجة.
  • استخدام النفاق في كثير من الأحيان.
  • الافتقار إلى المبادئ والقيم.
  • السخرية من الخير والأخلاق.
  • القدرة على إيذاء الآخرين لتحقيق أهدافهم.
  • الافتقار إلى التعاطف.
  • تجنب العلاقات العاطفية العميقة.
  • الخبث، فهم نادرًا ما يكشفون عن نواياهم الحقيقية.
  • الغطرسة والتكبر.

 

تشخيص اضطراب الشخصية المكيافيلية

الشخصية المكيافيلية

تتداخل أعراض اضطراب الشخصية المكيافيلية مع اضطرابات الشخصيات الأخرى، مما يجعل التشخيص الصحيح عملية بالغة التعقيد.

 

لذلك يتابع الطبيب جميع الأعراض السابقة واستمرارها عند المريض.

 

وقد اخترع العالمان ريتشارد كريستي (Richard Christie) وفلورنس جيس (Florence L. Geis) مقياس المكيافيلية، وهو اختبار لتقييم شدة المرض عند المصابين، ويطلق على هذا المقياس الآن اسم اختبار ماخ 4 أو “Mach-IV”.

 

يتكون اختبار ماخ من بعض الأسئلة التي يُقيم بها الطبيب شدة المرض وتكون الدرجة النهائية من 100.

 

نجد الأشخاص الذين يسجلون أعلى من 60 درجة يُطلق عليهم “ماخ عالي” بينما أولئك الذين سجلوا أقل من 60 درجة فهم “ماخ منخفض”.

 

يركز الأشخاص ذوي الماخ العالية على رفاهيتهم، ويعتقدون أنه يجب أن يكون المرء خادعًا ليصل إلى أهدافه.

 

إنهم لا يؤمنون بنزعة الخير في الإنسان ويعتقدون أن الاعتماد على الآخرين أمر ساذج، ويعطون الأولوية للسلطة على الحب والتواصل، فهم لا يؤمنون بأن الجنس البشري جيد بطبيعته.

 

على الجانب الآخر، يميل أصحاب ماخ المنخفض إلى إظهار التعاطف مع الآخرين، فهم يؤمنون بخير الإنسان.

 

ما هو الفرق بين السمات الأساسية لاضطرابات الشخصية الثلاثة التي تكون الثالوث المظلم؟

تتركز اضطرابات الشخصية الثلاثة على الابتعاد عن المجتمع وأعرافه ووضع النفس في المقدمة، للحصول على ما تريد لكن لكل منهما تركيز مختلف.

 

1.المكيافيلية

تركز المكيافيلية على التلاعب بالآخرين، لتحقيق المكاسب الشخصية والهوس بالسلطة والقوة.

 

2.النرجسية

تتعلق النرجسية بالاعتقاد بأنك تستحق الإعجاب والمعاملة المميزة والمختلفة عن الآخرين.

 

3.السيكوباتية

من أهم سمات السيكوباتية البرود العاطفي والعنف وعدم الإحساس بالآخرين.

 

علاج المكيافيلية

مثل جميع اضطرابات الشخصية، لا يعتقد المصابون بهذا الاضطراب أنهم يعانون سوءًا.

 

لذا فهم لا يطلبون العلاج إلا عندما يدفعهم أفراد أسرتهم لذلك، أو عند تورطهم في جرائم تستدعي خضوعهم للعلاج بأمر المحكمة.

 

لا يوجد علاج محدد وحاسم لهذه الحالات، لكن يمكن السيطرة على شدة الأعراض بعدة أساليب، منها:

 

  • العلاج النفسي

العلاج بالحوار، إذ يفيد تحدث المريض عن نفسه وعن ألمه الداخلي في السيطرة على الأعراض.

 

بالإضافة إلى أن هذا العلاج يجعل المريض مدرك لحالته ومدى الأذى الذي يُسببه للآخرين.

 

  • العلاج السلوكي المعرفي

يساعد العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، المريض على إدراك حالته ومعرفة أسبابها وكيفية السيطرة على هذا الاضطراب.

 

أيضًا يمكن أن يساعد هذا العلاج على تصحيح المفاهيم السلبية عن الناس وطريقة تعاملهم.

 

  • العلاج الدوائي

يساعد هذا العلاج على تحسين الأعراض المرتبطة باضطراب الشخصية، مثل: الاكتئاب والقلق.

 

التعامل مع المكيافيلية

قد يكون من الصعب التعامل مع شخص يعاني اضطراب الشخصية المكيافيلية.

 

لذا نقدم لك بعض النصائح إذا اضطرتك الظروف إلى التعامل معهم:

  • حاول البقاء على علاقة جيدة بهم، لا تحاول تخطيهم أو الوقوف في طريقهم، ولا سيما إذا كان الأمر يتعلق بشيء صغير وتافه “لا تحاول التفوق عليهم”.
  • تجنب الاعتماد عليهم وبدلًا من ذلك ثق بالآخرين.
  • ضع حدود ثابتة وواضحة في التعامل.
  • لا ننصحك بالدخول في علاقة عاطفية بشخص يعاني اضطراب الشخصية المكيافيلية.
  • يمكنك معرفة هؤلاء الأشخاص وتمييزهم من خلال تعاملهم مع الآخرين، ستجدهم متلاعبين ومنافقين عندما يستدعي الأمر ذلك.

 

ختامًا، يعد اضطراب الشخصية المكيافيلية، أحد اضطرابات الشخصية الشهيرة التي لا يمكن علاجها.

 

لكن يمكن السيطرة على الأعراض وشدتها بمتابعة العلاج مع الطبيب النفسي وتعزيز الوازع الديني والأخلاقي لدى المصاب

.

References:

https://psychcentral.com/lib/machiavellianism-cognition-and-emotion-understanding-how-the-machiavellian-thinks-feels-and-thrives#Coping-with-a-Machiavellianism

https://www.psychologytoday.com/us/blog/machiavellians-gulling-the-rubes/201711/machiavellians-self-made-or-born-way

https://www.inverse.com/mind-body/dark-triad-psychopath-narcissist-macchiavellian

https://journals.aom.org/doi/10.5465/amp.2017.0005.summary

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى