الأمراض النفسية

جولة في عالم الاضطرابات النمائية العصبية

Last Updated on: 29th أكتوبر 2021, 06:49 م

الاضطرابات النمائية العصبية

قد يدب القلق والذعر إلى قلب الأم عند سماعها أن طفلها يعاني بعض الاضطرابات النمائية العصبية؛ إذ تشعر أن هناك طامة كبرى لحقت بها وبطفلها.

 

لكن في حقيقة الأمر، أن هؤلاء الأطفال منفردون بصفات وقدرات مميزة وهبهم الله إياها، فهم ذوات طاقة لا إعاقة.

 

سنأخذكم في جولة سويًا لتتعرف إلى الاضطرابات النمائية العصبية، وأسبابها، وأعراضها، وكيفية علاجها، فقط تابعوا معنا.

 

تعريف الاضطرابات النمائية العصبية

تُعرف اضطرابات النمو العصبي بأنها مجموعة من الاضطرابات التي تؤثر في الجهاز العصبي. 

وتؤدي إلى خلل وظائف المخ، وتسبب مشكلات عديدة في الذاكرة والقدرات التعليمية والذاكرة والعاطفة.

يرجع منشأ الاضطرابات النمائية العصبية إلى مرحلة الطفولة المبكرة أو في أثناء عملية النمو، ويمكن اكتشاف الأعراض المبدئية مبكرًا.

تسبب تلك الاضطرابات صعوبة متفاوتة في تكيف الطفل مع أقرانه، وقد تعوقه عن الانخراط وسط المجتمع في بعض الأحيان.

 

أسباب الاضطرابات النمائية العصبية

تسبب بعض العوامل الوراثية والبيئية خلل النمو الطبيعي للخلايا العصبية، وتؤثر في مناطق مختلفة من الجهاز العصبي في أعمار مختلفة.

 

لذلك تعزى اضطرابات النمو العصبي إلى الأسباب الآتية:

  • الاضطرابات الوراثية

ترتبط بعض اضطرابات النمو العصبي بالجينات، التي تنتقل من الأجداد والآباء إلى الأبناء، مثل الإصابة بمتلازمة داون.

 

تنشأ تلك المتلازمة نتيجة خلل انقسام الكروموسومات في مرحلة مبكرة قبل الولادة؛ مما يؤدي إلى وجود مجموعة من الصفات الجسدية والصحية لدى المصابين. 

 

  • ضعف المناعة

قد تؤدي ضعف المناعة في أثناء مدة الحمل للأم أو الطفل، إلى حدوث اضطرابات نمائية عصبية، مثل: الاضطرابات النفسية والعصبية المناعية لدى الأطفال المصاحبة لعدوى المكورات العقدية (Streptococcal infection).

 

  • الحرمان الاجتماعي

يسبب الحرمان الاجتماعي والعاطفي تأخير النمو المعرفي والعقلي للطفل، وكلما زاد الحرمان وطالت مدة الجفاء، زادت العواقب الوخيمة التي تسبب اضطرابات نمائية عصبية. 

 

  • الملوثات البيئية

يسبب التعرض لبعض المواد الملوثة للبيئة، مثل: الرصاص والميثيل الزئبقي إلى تأخر النمو الإدراكي.

 

تشير الأبحاث أيضًا إلى أن التعرض للتدخين أو تناول بعض الأدوية في أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة الجنين بخلل النمو العصبي.

 

  • اضطرابات التمثيل الغذائي

قد يسبب اضطراب التمثيل الغذائي للأم في أثناء الحمل أو الطفل إلى حدوث اضطرابات نمائية عصبية.

 

 تُعد وقيعة مرض السكري أقرب مثال على تأثير اضطرابات التمثيل الغذائي على النمو العصبي؛ إذ يسبب تلف الأعصاب نتيجة تأثير الجلوكوز الزائد أو غير الكاف. 

 

ويسبب في نهاية المطاف في بعض الحالات ضعف الوظائف الإدراكية.

 

  • صدمة الدماغ

تبين أن صدمة الدماغ من أكثر الأسباب شيوعًا لحدوث اضطرابات نمائية عصبية، وتنقسم تلك الصدمة إلى نوعين:

 

  • الإصابة الخلقية، التي تحدث نتيجة نقص الأكسجين، أو الصدمات الميكانيكية في أثناء عملية الولادة.
  • الإصابة التي تحدث في أثناء الطفولة.

 

  • أمراض معدية

قد تؤثر بعض الأمراض المعدية في مرحلة الطفولة على النمو العصبي، مثل داء التهاب السحايا الذي يؤثر سلبًا في النمو العصبي.

 

  • التعاطي

يسبب تعاطي الأم للمواد المخدرة أو الكحول في أثناء مدة الحمل إلى الإصابة بالاضطرابات النمائية العصبية للجنين.

 

  • عوامل أخرى

قد تؤدي الولادة المبكرة أو انخفاض وزن المواليد في بعض الحالات إلى خلل النمو العصبي للطفل. 

 

أعراض الاضطرابات النمائية العصبية

تختلف أعراض الاضطرابات النمائية العصبية تبعًا لنوع الاضطراب، وفيما يلي بيان لأهم أنواع الاضطرابات وأبرز أعراضها: 

 

الفصام

اضطراب ذهني حاد ومزمن، يؤثر في نمط تفكير الشخص المصاب، وينعكس بالسوء على سلوكه وتصرفاته وإدراكه للواقع، وتضطرب علاقاته مع الآخرين.

 

يسبب الفصام الهلاوس السمعية والبصرية، وتتكون لدى المصاب رؤية ضبابية مشوشة للواقع، لذلك لا يستطيع التفرقة بين الحقيقة والأوهام.

 

ومن أبرز أعراض الفصام:

  1. التفكير غير المنطقي.
  2. الهلاوس السمعية والبصرية.
  3. الضلالات وعدم القدرة على التمييز بين ما هو حقيقي وما هو زائف.
  4. التفكير غير المنتظم.
  5. الأفكار المشوشة.
  6. فقدان الشغف والحافز.
  7. عدم القدرة على التعبير عن المشاعر والأحاسيس.
  8. التذبذب وصعوبة اتخاذ القرارات.
  9. كذلك عدم القدرة على إنهاء المهام الوظيفية.

 

التوحد

الاضطرابات النمائية العصبية

مما لا شك فيه أن هناك فرق بين التوحد والاضطرابات النمائية؛ فالتوحد ليس إعاقة ذهنية أو انحدار في المهارات العقلية.

 

لكنه اضطراب عصبي يؤثر في المهارات الاجتماعية والتواصل مع الآخرين، ويسبب النمطية وتكرار بعض السلوكيات. 

 

لكن يحظى المتوحدون بقدرات متميزة في مجالات التعلم والتفكير.

 

تتراوح شدة تلك الاضطراب من شخصٍ لآخر، وتتفاوت قدرات المصابين في التعليم والتفكير، ووفقًا لهذا تُحدد سبل العلاج والرعاية المناسبة.

 

يمكن تشخيص التوحد في سن العام والنصف أو أقل، لكن تشخص أغلب الحالات بعد مرور عدة سنوات؛ مما يؤدي إلى تأخر تقديم يد العون والمساعدة لهم.

 

ومن أهم علامات التوحد:

  1. تجنب أي اتصال جسدي، وعدم النظر إلى المتحدث إليهم.
  2. عدم الإدراك الجيد عند تحدث الآخرين إليهم.
  3. حب العزلة والوحدة.
  4. النمطية وعدم الرغبة في تغيير مهامهم وأنشطتهم اليومية.
  5. صعوبة فهم مشاعر الآخرين جيدًا.
  6. عدم الاكتراث لإقامة علاقات اجتماعية مع الآخرين.
  7. تكرار الكلمات المسموعة دون فهمها.
  8. صعوبة التعبير عن احتياجاتهم ومشاعرهم.
  9. ردود أفعال غير الطبيعية والمفاجئة تجاه المؤثرات الخارجية، مثل: الأصوات، والروائح والأماكن.

 

متلازمة توريت

أحد الأمراض العصبية الوراثية التي تدفع الشخص نحو حركات لاإرادية، مثل تكرار الكلام بنمط خارج عن السيطرة، أو إصدار بعض الأصوات أو تحريك الرأس تحريكًا غير طبيعيًا. 

تظهر أعراض متلازمة توريت في أثناء مرحلة الطفولة، وتنتشر بين الذكور أكثر من الإناث، لكن يمكن السيطرة عليها بعد انتهاء مرحلة المراهقة.

 

تتضمن أعراض متلازمة توريت الآتي:

  • تشنجات حركية

وتشمل الآتي:

  • هز الأكتاف.
  • تحرك الرأس في اتجاه معين.
  • غمز العينين اللاإرادي.
  • القفز.
  • إصدار تعبيرات وجهية معينة.
  • كذلك الاندفاع المفاجئ الحركي.

 

  • تشنجات صوتية

وتشمل الآتي:

  • تكرار بعض الكلمات.
  • طقطقة اللسان.
  • الشخير.
  • السعال.
  • كذلك الصفير.

 

اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه

يعرف اضطراب فرط الحركة (ADHD)، بأنه من أكثر اضطرابات النمو العصبي انتشارًا؛ فهو داء يصيب الأطفال والكبار.

 

يعاني المصابون الأعراض الآتية:

  1. صعوبة التركيز.
  2. زيادة النشاط والاندفاع.
  3. عدم الاستماع إلى التعليمات وتنفيذها.
  4. تشتت الانتباه بسهولة.
  5. تراودهم أحلام اليقظة مرارًا وتكرارًا.
  6. الثرثرة والتحدث كثيرًا.
  7. القلق والتوتر باستمرار.
  8. تقلبات المزاج.
  9. كذلك الإحباط سريعًا.

 

تشخيص الاضطرابات النمائية العصبية

يسهم الدليل التحليلي والإحصائي للاضطرابات العقلية في تشخيص الاضطرابات النمائية العصبية. 

 

وقد يلجأ الطبيب إلى الفحص الجيني لتأكيد تشخيص الاضطرابات العصبية التي تنتقل بالوراثة.

 

علاج اضطرابات النمو العصبي

من المؤسف عدم وجود علاج شافٍ لتلك الاضطرابات، لكن يعتمد الطبيب خطة علاجية محكمة لتدارك الأعراض التي ترافق تلك الاضطرابات ومنع تفاقمها، وتتضمن الآتي:

 

  • العلاج السلوكي

يهدف العلاج السلوكي إلى تعديل سلوك المصاب، وتحسين الوظائف الإدراكية.

 

  • إعادة التأهيل للإدراك العصبي

يعتمد اختيار نوع التأهيل الإدراكي العصبي على نوع الاضطراب الذي يعانيه الشخص، وذلك بوصف بعض الأدوية أو العلاجات التعويضية.

 

  • التعديل العصبي

تكمن أهمية التعديل العصبي في تدارك الأعراض النفسية والإدراكية التي تلّم بالمصاب، مثل: العلاج بالصدمات الكهربائية والتغذية العصبية الراجعة التي تسهم في تنظيم موجات المخ.

 

  • علاج النطق واللغة

يساعد على تطوير قدرات المصاب على النطق، وعلاج مشكلات التأخر النمائي اللغوي، وتعزيز قدرته على التعبير عما يكمن بداخله.

 

  • التدريب على المهارات الاجتماعية

تكمن أهميته في تعليم المصاب كيفية التعامل الصحيح في المواقف الإجتماعية المختلفة، واكتساب مهارة التواصل الإجتماعي وتعزيز الثقة بالنفس.

 

  • العلاج النفسي

يُعد من أهم سبل علاج الاضطرابات النمائية؛ إذ يساعد على فهم طبيعة الاضطراب الذي يعانيه الشخص، ويدعمه نفسيًا كي يستطيع التأقلم والتعايش مع حالته.

 

ختامًا، أعي جيدًا مدى قلق الآباء والأمهات تجاه فلذات أكبادهم الذين يعانون بعض الاضطرابات النمائية العصبية.

 

لكن أصبح من السهل الآن تدارك الأعراض وتحجيمها، ويمكن للطفل أن يمارس حياته طبيعيًا، لكن يجب على الوالدين أيضًا أن يشدوا من أزر أبنائهم. 

 

فرعايتهم لهم في سن مبكر يؤهلهم إلى الانخراط وسط المجتمع، والعيش حياة طبيعية وسوية، وأن يكونوا أفراد يافعين نافعين لأنفسهم والمجتمع.

 

المصادر

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC7365295/ 

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC6737073/ 

http://jaapl.org/content/42/2/165 

https://www.nimh.nih.gov/health/topics/autism-spectrum-disorders-asd 

https://www.onhealth.com/content/1/schizophrenia_treatment 

https://www.webmd.com/brain/tourettes-syndrome#1 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى