اضطرابات الحركة | أسبابها وكيفية العلاج؟
قد يضيق صدرك وتشعر بالأسى والحزن عند رؤيتك لأحد المقربين يعاني اضطرابات الحركة وتقف مكتوف الأيدي أمامه.
فما اضطرابات الحركة، وما أبرز أنواعها، وكيف يمكن تشخيصها وعلاجها؟!
في السطور التالية سنتعرف – تفصيلًا- إلى كل ما يخص هذا الاضطراب، فتابع معنا.
تعريف اضطرابات الحركة
تعد إحدى اضطرابات الجهاز العصبي، وتحدث نتيجة وجود خلل في التواصل بين الدماغ والحبل الشوكي والأعصاب، والعضلات المسؤولة عن تولد الحركة.
لذلك تسبب تلك الاضطرابات اختلال الحركة أو فقدانها، مما يؤدي إلى تولد حركات إرادية ولاإرادية غير نمطية وغريبة الأطوار.
أسباب اضطرابات الحركة
تحدث اضطرابات الحركة نتيجة بعض التغيرات المرضية في مناطق معينة من الدماغ، التي تتطلب العمل مع بعضهم البعض لتوليد الحركة.
إذ يرسل الدماغ إشارات إلى العضلات تأمرها بالحركة، وهناك إشارات أخرى ثابتة تُرسل من وإلى الدماغ والعضلات، وذلك لتنظيم تفاصيل الحركة، مثل: السرعة وتحديد الاتجاه.
لذلك عند حدوث خلل في جزء معين من الدماغ، تكون الإشارات غير صحيحة وغير قابلة للسيطرة أو غير طوعية.
تعزى اضطرابات الحركة إلى عدة أسباب، نذكر منها الآتي:
- حدوث طفرة جينية.
- الإصابة بأمراض المناعة الذاتية.
- إصابة الجهاز العصبي ببعض المشكلات، مثل: تلف الدماغ أو الأعصاب الطرفية أو النخاع الشوكي.
- التعرض للالتهابات أو العدوى.
- اضطراب عملية التمثيل الغذائي.
- تناول بعض الأدوية التي تؤثر في الجهاز العصبي.
أعراض اضطرابات الحركة
تتضمن أعراض الاضطرابات الحركية الآتي:
- تشنج الأطراف والجذع وتصلبهم.
- وجود حركة اهتزازية بطيئة للجسم.
- تقلص العضلات.
- صعوبة التحدث والبلع.
- وجود مشكلات نفسية مصاحبة لتفاقم الاضطرابات الحركية الشديدة.
- فقد القدرة على الحركة للحظات.
أنواع الاضطرابات الحركية
يمكن تقسيم اضطرابات الحركة إلى الآتي:
1- اضطرابات فرط الحركة
تشير إلى التدفق غير الطبيعي في الحركة وزيادة معدلها عن المستوى الطبيعي، التي تكون عادةً متكررة، وتتضمن الآتي:
-
الاختلاج الحركي (Ataxia)
يعرف أيضًا باسم الترنح أو الرنح، وهو اضطراب يؤثر في المخيخ المسؤول عن تنسيق حركة العضلات، ويعاني المصاب الأعراض الآتية:
- عدم الثبات في أثناء السير.
- عدم تناسق الحركة.
- حركة العينين بسرعة لاإراديًا.
- صعوبة البلع.
من المؤسف عدم وجود علاج للاختلاج الحركي، وقد يوصي الطبيب المريض بتناول بعض الأدوية التي تحد من أعراض التيبس أو الإرهاق أو الاكتئاب.
-
داء هنتنغتون
اضطراب وراثي نادر، ينتج بسبب التدهور التدريجي للخلايا العصبية في الدماغ؛ مما يؤدي إلى عدم القدرة على التحكم في حركة الأطراف والوجه.
يعاني المصاب أيضًا فقدان تدريجي لقدراته العقلية وتطور الاضطرابات النفسية لديه.
ويعتمد الطبيب الخطة العلاجية الآتية لتدارك الأعراض:
- مضادات الذهان، مثل هالوبيريدول (هالدول) و فلوفينازين.
- وصف الأدوية التي تسهم في السيطرة على الحركة، مثل تيترابينازين (كيسانثين).
- الأدوية المثبتة للمزاج التي يمكن أن تساعد في الوقاية من تقلبات المزاج، مثل: ديفاكوت وكارباتول وتجريتول.
- تقديم استراتيجية محكمة للعلاج النفسي بهدف التكيف والتأقلم، وتسهيل سبل التواصل بين المصاب وأفراد أسرته.
-
الرعاش (Essential Tremor)
يعد الرعاش مجهول السبب هو أحد اضطرابات الحركة نتيجة خلل الجهاز العصبي، ويسبب الارتجاف اللاإرادي الذي يصيب أجزاء الجسم المختلفة.
لكن عادةً يظهر الارتجاف في اليدين عند أداء المهام البسيطة.
ومن أهم سبل العلاج لداء الرعاش:
- حاصرات بيتا مثل دواء بروبرانولول (اندرال)، لتخفيف حدة الرعاش.
- الأدوية المضادة للنوبات الصرَعية ، مثل بريميدون (ميسولين) وتوباماكس.
- أدوية البنزوديازيبين كمهدئات، مثل الكلونازيبام (كلونوبين)، إذ يستخدمها الأطباء لعلاج الأشخاص الذين يعانون التوتر والقلق جراء إصابتهم بتلك الاضطرابات.
-
متلازمة توريت
يسبب هذا الاضطراب حركات تكرارية لاإرادية، وإصدار أصوات غير مرغوب بها، ولا يمكن السيطرة على ذلك بسهولة.
كذلك تظهر تلك التشنجات اللاإرادية بين سن العامين و15 عامًا، ويعد الذكور أكثر احتمالية للإصابة من الإناث.
يصف الطبيب الأدوية الآتية التي تسهم في كبح التشنجات اللاإرادية وتخفيف حدة الأعراض، مثل:
- فلوفينازين، وهالوبيريدول (هالدول) ريسبيريدون (ريسبيردال)؛ وذلك لأنهم يقلّلون الدوبامين أو يمنعوه.
- أدوية علاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، مثل: ديكسيدرين وآديرال.
- مضادات الاكتئاب، مثل ويلبوترين.
-
داء ويلسون (Wilson Disease)
خلل وراثي يحدث نتيجة تراكم النحاس في أنسجة أعضاء معينة من الجسم، مثل: الكبد، والدماغ، والكليتين وقرنية العين.
يسبب ذلك الداء أيضًا اضطرابات حركية مختلفة، مثل: عدم تناسق الخطوات في أثناء المشي، والتأتأة، وبطء الحركة والكلام وحركات لا إرادية.
كذلك يعاني المريض أعراض نفسية تشبه الفصام، وتتضاءل قدرته العقلية، وتتغير شخصيته ويصدر تصرفات غير متزنة.
لذلك قد يصف الطبيب دواء بنسيلامين (Penicillamine)، الذي يمكنه الارتباط بالنحاس، ومن ثمَّ يلفظه خارج الجسم من خلال عملية التبول، ويقلل أيضًا ترسبه في الأعضاء الحيوية في الجسم.
-
عسر الحركة المتأخر (Tardive Dyskinesia)
يعرف بأنه اضطراب عصبي، يحدث نتيجة الاستخدام طويل الأمد للأدوية خاصةً أدوية الاضطرابات النفسية.
يسبب ذلك الاضطراب أيضًا تولد حركات لاإرادية ومتكررة مثل وميض العين.
-
خلل التوتر العضلي (Dystonia)
اضطراب عضلي عصبي يسبب انقباض العضلات لاإراديًا على هيئة انقباضات متكررة بحركات ملتوية، ويتراوح الشد العضلي ما بين البسيط والحاد، وقد يكون مؤلمًا في بعض الأحيان.
ويوصي الطبيب باتباع الخطة العلاجية الآتية:
- تناول الأدوية التي تستهدف الناقلات العصبية التي تؤثر في حركة العضلات، مثل كاربيدوبا، وليفودوبا، وبنزتروبين.
- استخدام حقن توكسين البوتولينوم، لتخفيف تقلصات العضلات أو القضاء على الشد العضلي، وتحسّن وضعية الجسم غير الطبيعية.
2- اضطرابات نقص الحركة
يتباين ذلك الاضطراب ما بين نقص الحركة أو بطئها أو انعدامها بالمرة، نتيجة الضعف أو الإصابة بالشلل أو انخفاض حركة العضلات اللاإرادية أو رد الفعل المبالغ فيه من العضلات الاإرادية، ويشمل الآتي:
-
مرض باركنسون
يظهر مرض باركنسون تدريجيًا ويتطور ببطء شديد، ويبدأ غالبًا برجفة تكاد تكون غير محسوسة في إحدى اليدين، وفيما بعد تُعد الرجفة هي السمة المميزة لذلك الداء.
ومن أبرز أعراض مرض باركنسون:
- الارتعاش والارتجاف.
- بطء الحركة.
- تيبس العضلات.
- فقدان الحركة اللاإرادية.
- انعدام التوازن.
علاج داء باركنسون (Parkinson’s Disease)
يسهم العلاج الدوائي في التغلب على مشكلات الحركة والسيطرة على الرجفة؛ وذلك برفع مستوى الدوبامين الذي يمكنه اختراق الدماغ.
ويعد ليفودوبا (Levodopa)، هو الدواء الأكثر شيوعًا لعلاج داء باركنسون، ويجدر بالذكر أنه كلما تقدم المرض وتفاقم، قلت فاعلية ذلك الدواء.
لذلك يتطلب الأمر معرفة تطور الحالة وملائمة الجرعة الدوائية لها.
-
شلل فوق النوى المترقي
اضطراب غير شائع يسبب مشكلات في السير وحركة العينين والبلع، ويحدث نتيجة تدهور الخلايا في مناطق الدماغ المسؤولة عن الحركة والتنسيق.
يزداد أيضًا ذلك الشلل تدريجيًا وبنمط تصاعدي؛ مما يؤدي إلى مضاعفات قد تهلك حياة الفرد، مثل: التهاب الرئة ومشكلات البلع.
-
ضمور جهازي متعدد (MSA)
يعرف بأنه اضطراب عصبي تنكسي نادر يؤثر في الوظائف اللاإرادية للجسم، يسبب بطء الحركة وتيبس العضلات وضعف الاتزان، وقد يتدهور الوضع وينتهي المطاف بالوفاة.
كذلك يشمل العلاج بتغيير نمط الحياة ومساعدة المريض على التكيف والتأقلم والتعامل مع الأعراض؛ وذلك لعدم وجود سبيل للشفاء التام من ذلك الداء.
تشخيص اضطرابات الحركة
يعتمد الطبيب على عدة فحوصات لتشخيص نوع الاضطراب الحركي، وتشمل الآتي:
-
الفحص البدني
يهدف الفحص الجسدي للمريض إلى تقيم الحالة العامة له، والكشف عن المهارات الحركية وقدرته على المشي، ومعرفة مدى إيجابية ردود أفعاله.
-
الفحوصات المعملية
يوصي الطبيب بإجراء عدة فحوصات مخبرية، وذلك لتأكيد الإصابة باضطرابات الحركة والتعرف إلى سبب العلة، ومن أبرز تلك الفحوصات:
- فحوصات الدم.
- تخطيط كهربية القلب والدماغ.
- قياس النبضات الكهربائية للأعصاب والأنسجة العضلية من خلال تخطيط كهربية العضل.
- أخذ خزعة من العضلات لمعرفة إذا كان منشأ الاضطراب عضلي أم عصبي.
- تحليل السائل الدماغي الشوكي.
-
الفحوصات الإشعاعية
تسهم الفحوصات الإشعاعية في التأكد من صحة وسلامة الدماغ والأوعية الدموية.
تعد كذلك الحد الفاصل بين اضطرابات الحركة مع السكتات القلبية والجلطات الدماغية الذين يتشابهون مع بعضهم البعض.
ومن أبرز أنواع الفحوصات الاشعاعية المستخدمة للتشخيص:
- تصوير الأوعية الدموية بالرنين المغناطيسي.
- التصوير المقطعي المحوسب.
- التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني.
علاج اضطرابات الحركة
يعتمد الطبيب استراتيجية محكمة لعلاج اضطرابات الحركة تبعًا لنوع الاضطراب والمسبب الرئيس كما ذكرنا في السابق.
وذلك لأن الخطة العلاجية تهدف إلى التحكم في حركة العضلات وكبح جماح الأعراض وإبطاء تقدم وتفاقم المرض.
في الختام، الحمد لله الذي ما أنزل من داء إلا وأنزل له دواء، إذ أصبح الآن من السهل السيطرة على أعراض اضطرابات الحركة، وتيسير حياة المريض كي يستطيع أداء مهامه ويهنأ بحياته.