اضطراب القلق العام | عندما يدهسك القلق على قارعة الطريق!
وقعت فريسة بين أنياب اضطراب القلق العام؛ فأصبحت أعاني ضجيجًا من الأفكار السلبية، التي تلاحقني عشيةً وإبكارا.
أصبح التوتر رفيق يومي، والخوف صديق دربي الصدوق.
تلك الآفة تجعل الحياة حالكة السواد، فإذا اشتمل القلب على القلق المزمن؛ جعل الشخص أسيرًا للهموم، واستوطنت المخاوف صدره الرحيب واستقرت به.
سنتعرف سويًا في هذا المقال إلى اضطراب القلق، وأسبابه وأعراضه، وكيف يمكن التغلب عليه، فتابع معنا.
اضطراب القلق العام (Generalized Anxiety Disorder)
يُعرف بأنه القلق المفرط والمبالغ فيه تجاه الأحداث اليومية، ويتوقع الشخص دائمًا الافتراضات السلبية، ولا يستطيع التوقف عن التفكير والخوف من المجهول.
قد يحمد القلق في بعض الأحيان عقباه؛ وذلك لأنه يحث الشخص ويدفعه دائمًا نحو الأفضل، لكن تارة أخرى يجلب الضرر ويسبب العثرات والكبوات.
يجعل اضطراب القلق العام حياة المصاب محاطة بالمخاوف والقلق، ويصبح عاجزًا عن التكيف مع المجتمع، ويعكر صفو حياته ولا يستطيع العيش متزنًا.
أعراض اضطراب القلق العام
من المؤسف أن حالة الخوف والقلق ليست مشاعر عابرة وحسب؛ بل رفيقة درب للمصاب في السراء والضراء.
يختلف القلق الذي نواجهه مرارًا وتكرارًا في حياتنا عن اضطراب القلق العام؛ إذ يعاني المريض عدة أعراض في خلال 6 أشهر على الأقل، نذكر منها الآتي:
-
أعراض اضطراب القلق العام الجسدية
تتضمن أعراض القلق العام الجسدية الآتي:
- الأرق.
- الإرهاق الجسدي.
- الغثيان.
- التعرق الشديد.
- تقلبات المزاج الحادة.
- توتر العضلات.
- الاصابة بمتلازمة القولون العصبي.
-
أعراض القلق العام النفسية
فيما يلي بيان لأهم أعراض القلق العام النفسية:
- القلق المفرط.
- التفكير المبالغ فيه.
- صعوبة اتخاذ القرارات.
- التشويش الذهني.
- عدم القدرة على التحكم في الانفعالات.
- صعوبة التكيف مع المشكلات.
- لا يستطيع المصاب أن ينعم بالهدوء والاسترخاء.
- رؤية جميع المواقف والأحداث وحش كاسر يهدد حياته، حتى وإن كانت هينة ويمكن مرورها مرور الكرام.
أسباب اضطراب القلق العام
يعزى اضطراب القلق إلى عدة عوامل، ومن أبرزها:
-
العوامل الوراثية
تشير بعض الدراسات إلى أن وجود تاريخ عائلي للإصابة باضطراب القلق العام، تزيد احتمالية التعرض لذلك الداء.
-
السمات الشخصية
مما لا شك فيه أننا نختلف عن بعضنا البعض، فلكل منا سمات شخصية تميزه عن غيره، وعادةً الشخص الخجول أو السلبي يكون أكثر عرضة للتوتر والقلق وتوقع الأسوأ دائمًا.
-
البيئة المحيطة
قد يسبب نمط الحياة والأسلوب المتبع في تربية وتنشئة الطفل في حدوث تغيرات سلبية في شخصيته، ويجعله أكثر عرضة للإصابة بذلك الاضطراب.
قد يتعرض الشخص أيضًا لبعض المواقف المؤلمة التي تزلزل كيانه ولا يستطيع تجاوزها، فهي تؤرق مضجعه وتعكر صفوه وتجعله مصاب بالقلق المزمن دائمًا وأبدًا.
-
تعاطي المخدرات
تعد التغيرات التي تطرأ على كيمياء الدماغ من أبرز الأسباب التي تسبب تقلب المزاج وعدم القدرة على التحكم في الأفكار السوداوية.
تؤثر المخدرات مباشرةً في كيمياء الدماغ وتدمرها، وتجعل الشخص يعاني التقلبات المزاجية الحادة، وتنهمر عليه سيل من الأفكار السلبية والعدوانية.
مضاعفات القلق العام
يعد القلق المزمن شعور قاتل؛ فهو يفتك بصحة الشخص النفسية والجسدية، ومن أبرز مضاعفات اضطراب القلق العام:
- عدم القدرة على أداء المهام اليومية.
- يزيد احتمالية الإصابة بالاكتئاب.
- الإصابة بمتلازمة تهيج الأمعاء.
- الصداع.
- اضطراب النوم.
- تعاطي المواد المخدرة.
- الأفكار الانتحارية.
- الشعور بانعدام الطاقة.
الفرق بين التوتر والقلق المزمن
يُعرف القلق المزمن بأنه الخوف بشأن حدث مستقبلي، ويلازمه الشعور بالخوف والضيق، ويعتريه القنوط ولا يستطيع رؤية الفرج ولا انتظاره.
بينما يعد التوتر استجابة بيولوجية طبيعية من الجسم تجاه المواقف الخطيرة، كي يساعد الشخص على التركيز واليقظة.
لا يمكننا الحكم المطلق على التوتر أنه سيء، لأنه في بعض الأحيان يجعل الشخص أكثر وعيًا ويمنحه مزيدًا من القوة والطاقة، ليعينه على أداء مهامه وانجازها.
تشخيص اضطراب القلق العام
من المؤسف أن تشخيص اضطراب القلق العام ليس بالأمر الهين، فكثيرون يعتقدون أن ما يعانيه الشخص مجرد مشاعر عابرة مؤقتة.
يؤدي ذلك إلى تفاقم الحالة وتعقيدها، وقد يصاحب ذلك الاضطراب عدة أمراض أخرى، مثل: الرهاب، أو الوسواس القهري أو اضطراب ما بعد الصدمة.
توجد صعوبة في التفرقة بين داء اضطراب القلق العام والاكتئاب، لتشابه الأعراض بينهما، لذلك يعتمد التشخيص على مراقبة الأعراض جيدًا مدة 6 أشهر أو أكثر.
يجري الطبيب بعض الاختبارات النفسية التي يستطيع من خلالها تقييم الحالة النفسية، مثل: اختبار اضطراب القلق العام واختبار الاكتئاب.
قد يوصي أيضًا بإجراء بعض الفحوصات الطبية لاستبعاد بعض الأمراض العضوية التي تتشابه مع أعراض اضطراب القلق العام، مثل:
- اضطرابات الغدة الدرقية.
- ارتجاع المريء.
- أمراض القلب.
- إدمان المواد المخدرة.
- مشكلات نقص الحديد.
علاج اضطراب القلق العام
ينقسم علاج اضطراب القلق العام إلى العلاج النفسي والعلاج بالأدوية؛ إذ يكمل كل منهما الآخر.
وتعتمد الخطة العلاجية أيضًا على حالة المريض، والأعراض التي يعانيها ومدى استجابته للعلاج.
-
العلاج النفسي
تسهم الاستشارات النفسية في تحسن الأعراض، ومساعدة المريض على اتباع أنماط التفكير الصحيحة، وتعليمه كيفية مواجهة خوفه والتحديات التي يصطدم بها في أثناء يومه.
تكمن كذلك أهمية العلاج المعرفي السلوكي في مساعدة المريض، كي يصبح أكثر وعيًا بمشاعره، والسيطرة على أفكاره المزعجة السلبية وينظر إلى الحياة بمنطلق التفاؤل والحكمة.
-
العلاج بالأدوية
تستطيع بعض الأدوية إعادة توازن كيمياء الدماغ، مما يؤدي إلى تعزيز السيطرة والتحكم في الأعراض ومنح الشخص حياة متزنة هادئة.
لكن في الحالات الأخف وطأة، يمكن الاكتفاء بالعلاج النفسي السابق ذكره فقط مع تغيير بعض أنماط الحياة.
ومن أبرز أدوية اضطراب القلق العام التي يصفها الطبيب لكبح جماح الأعراض:
-
مضادات القلق
قد يصف الطبيب بعض الأدوية المضادة للقلق، لتخفيف حدة الأعراض، مثل: تقلصات المعدة وتوتر العضلات، لكن مدة زمنية قصيرة، مثل البنزوديازيبينات.
وذلك لأنها قد تسبب الإدمان، لذلك فهي لا تعد خيارًا جيدًا للعلاج في بعض الحالات.
ومن أبرزها:
- البرازولام (Alprazolam).
- كلونازيبام (Clonazepam).
- لورازيبام (Lorazepam).
-
مضادات الاكتئاب
تستخدم هذه الأدوية للمدى الطويل، ويبدأ ظهور نتائجها الفعالة بعد مرور أسبوعين من تناولها بانتظام.
فعلى سبيل المثال وليس الحصر:
- دولوكستين، مثل سيمباتكس (Cymbatex).
- سيرترالين، مثل لوسترال (Lustral).
- بوسبيرون (Buspirone).
- فلوكستين، مثل بروزاك.
- فينلافاكسين، مثل إفيكسور.
- ديسفينلافكسين، مثل بريستيك.
- اسيتالوبرام، مثل سيبرالكس.
- سيتالوبرام، مثل سبرام.
- باروكستين، مثل سيروكسات.
قد تستغرق هذه الأدوية بعض الوقت، كي تظهر مفعولها، مع ذلك يمكن أن تتسبب في حدوث بعض الآثار الجانبية المزعجة، مثل: جفاف الفم والغثيان والإسهال وزيادة الوزن.
بالإضافة إلى ذلك، قد يتسبب في البداية في حدوث بعض الأفكار الانتحارية، لذلك يجب إبلاغ الطبيب المعالج إذا شعرت بأفكار تثير قلقك أو أي تغييرات مزاجية تطرأ عليك.
علاج القلق العام دون أدوية
يمكنك تحجيم توترك وقلقك، واتباع هذه النصائح لنمط حياة صحي، كي تنعم بحياة مليئة بالصحة النفسية والجسدية، ومن أهمها:
- ممارسة الرياضة بانتظام.
- الإقلاع عن التدخين.
- النوم عدد ساعات كافية يوميًا.
- تناول غذاء صحي متكامل.
- الحد من تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين.
- تعلم تمارين الاسترخاء، مثل: اليوجا والتأمل النفسي العميق.
- توطيد العلاقات الاجتماعية؛ وذلك لأن العزلة والوحدة تسبب زيادة المخاوف والقلق من المجهول.
في الختام، القلق والخوف لا مفر منهما، لكن يجب عليك أن تتقبلهما، ولا تسمح لهما بشل مسيرتك وعرقلة حياتك.
فاضطراب القلق العام موت أبدي بلا بعث إذا سيطر على فريسته.
صحتك -عزيزي- لا تقدر بثمن فلا تستنزفها في صراعات القلق والتوتر.
المصادر
https://www.verywellmind.com/anxiety-and-personality-style-1392978
https://www.helpguide.org/articles/anxiety/generalized-anxiety-disorder-gad.htm