الأمراض النفسيةالصحة النفسية

مرض الوهم | ما وراء ستار الأوهام والضلالات!

مرض الوهم
مرض الوهم

لا أحد يدرك حجم المعاناة التي سببها لي مرض الوهم؛ إذ أصبحت الضلالات أنيسة وحشتي، والتوهم والتشوش رفقاء دربي، واختلطت عندي الحقائق والهواجس.

 

لذلك سنضع بين يديك -عزيزي القارئ- كل ما تود معرفته عن أسباب مرض الوهم، وأعراض الإصابة به وسبل التشخيص والعلاج، فتابعوا معنا.

 

تعريف الاضطراب التوهمي (Delusional disorder)

يعد هذا الإضطراب أحد الأمراض النفسية الخطرة المصنفة تحت مظلة اضطرابات الذهان، وذلك لأن المصاب يعاني الضلالات وعدم القدرة على التمييز بين الواقع والخيال.

 

يسيطر كذلك على المصاب أفكار واعتقادات غير واقعية بالمرة، مبنية على تفسيرات خاطئة، وعند تفاقم الأعراض ينفصل المريض عن الواقع ولا يستطيع أن يهنأ بحياته وأن يؤدي مهامه اليومية.

 

بالإضافة إلى ذلك، تتسم أوهام الشخص المصاب بالثبات؛ فهي اعتقادات راسخة غير قابلة للتعديل وغير مسموح زعزعتها مع أنها غير منطقية وخاطئة.

 

يجدر بالذكر أن الأشخاص المصابين بمرض الوهم يتعاملون طبيعيًا في أغلب الأوقات، في حين أن مرضى الأمراض الذهانية الأخرى يعانون الوهم والهلوسة؛ مما يؤثر بالسلب في تعاملاتهم اليومية. 

 

أعراض مرض الوهم

يتوهم المريض مواقف من واقع الحياة وليست ضلالات من الخيال العلمي زائفة مثل رؤية تنين مجنح.

 

كذلك يتمسك المريض بأوهامه مع أنه توجد دلائل تنفي معتقداته الزائفة البالية.

 

ومن أبرز الأعراض المصاحبة لمرض الوهم:

  1. عدم الثقة بالنفس.
  2. اضطراب العلاقات الاجتماعية.
  3. الوسواس المستمر بالمرض، وكثرة التردد على الأطباء للاطمئنان على صحته.
  4. ضعف الذاكرة وتشتت الانتباه. 
  5. الشكوى المتكررة من الإعياء الجسدي.
  6. اضطراب النوم.
  7. القلق المستمر والتوتر.

 

أسباب مرض الوهم

من المؤسف عدم توصل الباحثين إلى أسباب معظم الاضطرابات النفسية، وينطبق الحال على الاضطراب التوهمي، لكن توجد بعض العوامل التي تسهم في زيادة احتمالية الإصابة به، مثل:

 

1- العوامل الوراثية

توجد بعض المعتقدات بأن الجينات الحاملة للمرض لها دورًا فعالًا في الإصابة بالاضطراب التوهمي، ذلك عند انتقالها من الآباء إلى الأبناء.

 

يجدر بالذكر أن الأشخاص الذين يعانوا بعض أفراد عائلاتهم اضطراب التوهم أو بعض الاضطرابات النفسية، يكونوا أكثر عرضة للإصابة.

 

2- العوامل البيئية والنفسية

تسهم بعض العوامل البيئية في تحفيز الإصابة بذلك الاضطراب، وتضمن الآتي:

 

  • إدمان المخدرات.
  • شرب الكحول.
  • التوتر المزمن والقلق.
  • قضاء أوقات كثيرة في معزل وبمنأى عن الناس، مثل المهاجرين من دولة لأخرى.
  • المصابين بضعف السمع أو البصر.

 

3- العامل البيولوجي

تشير بعض الدراسات أن التغيرات التي تطرأ على بعض مناطق الدماغ، تزيد احتمالية الإصابة بذلك الاضطراب، مثل اضطراب النواقل العصبية في الدماغ.

 

أنواع مرض الوهم

يصنف اضطراب الوهم بناءً على الأفكار والهواجس التي تتملّك الشخص، وفيما يلي بيان لأنواع ذلك الاضطراب:

  • هوس العظمة

مرض الوهم
مرض الوهم

يتوهم المصاب في هذه الحالة امتلاكه موهبة خارقة ويضع نفسه محورًا للكون، وأن ما يفعله دائمًا وأبدًا لا يستطيع أحد مجاراته.

 

يسيطر عليه أيضًا الشعور بأنه أعلى قيمة ومكانة من الآخرين، ويعطون لأنفسهم الأحقية في سحب كل الحفاوة والتقدير.

  • أوهام الحب

يعاني المصاب الحب والهيام، ويتوهم أن هناك شخصًا ما غارقًا في حبه، وعادةً ما تكون هذه المشاعر تجاه شخص مشهور أو مهم للغاية.

 

قد تتفاقم المشكلة ويحاول المصاب مطاردة من يحب والوصول إليه بشتى الطرق.

  • وهم الغيرة

تعرف أيضًا باسم هوس الخيانة؛ وذلك لأن المصاب يتوهم أن زوجته غير مخلصة وتخونه، ويسبب ذلك النوع مشكلات إجتماعية لا يستهان بها، قد تصل إلى حد القتل.

  • هوس الاضطهاد

يعتقد المريض أن أحد المقربين منه يعامله معاملة سيئة أو يتجسس عليه ويخطط لإيذائه، لذلك قد يتقدم هؤلاء المصابين ببلاغات وشكاوى قانونية عديدة للسلطات الأمنية. 

  • التوهم الجسدي

يتوهم المصاب أنه يعاني بعض المشكلات الصحية، أو يعاني وجود عيوب خلقية في جسدية.

  • الوهم المختلط

يحدث ذلك النوع في حال معاناة الشخص اثنين أو اكثر من أنواع اضطراب التوهم السابق ذكرها.

 

العلاقة بين مرض الوهم والفصام

يعد مرض الوهم والفصام من الاضطرابات الذهنية، وكلا المرضين يتسمان بالهلاوس السمعية والبصرية وكثرة الضلالات.

 

يعرف الفصام بأنه اضطراب حاد في الدماغ؛ يغير من نمط تفكير المصاب ورؤيته للواقع وتضطرب علاقاته مع المحيطين، لذلك يعد هذا المرض الأصعب والأكثر تعقيدًا من بين الأمراض النفسية. 

 

مخاطر الاضطراب التوهمي

من المؤسف أن عواقب ذلك الاضطراب الوخيمة لا تتوقف على الأعراض السابق ذكرها فقط، وذلك لأن مرض الوهم يؤدي إلى بعض المضاعفات الجسيمة، مثل:

 

  1. الاكتئاب.
  2. تعاطي المخدرات.
  3. الانطواء على الذات والعزلة.
  4. الاندفاعية والتصرفات العدوانية.

 

تشخيص مرض الوهم

يجدر بالذكر أن مرضى الاضطراب التوهمي يعيشون حياة طبيعية، ولا تظهر عليهم أفعال غريبة ذات صلة بالأوهام التي تسيطر عليهم.

 

يعتمد تشخيص الاضطراب التوهمي على الأعراض المبنية على الوهم والخيالات التي يعانيها المريض مدة شهر كامل.

 

في حال معاناة المريض الفصام أو أي اضطراب نفسي آخر فيعد الوهم أحد أعراض ذلك الداء، ولا يمكن الجزم أنه مصاب بمرض الوهم.

 

يستبعد الطبيب الأمراض الجسدية التي تسبب الوهم، مثل: داء ألزهايمر، والصرع وأمراض الكبد والكلى.

 

علاج مرض الوهم

من الصعب سعي المصاب نحو العلاج، وذلك لأنه لا يدرك العلة التي حلّت به، وأن الأفكار التي تصول وتجول داخل رأسه خاطئة وتحتاج توجيه وتعديل.

 

لكن لا بد أن يطلب المساعدة أحد أقارب المريض من الطبيب المختص في أقرب وقت ممكن عند معاناة الشخص أعراض اضطراب الوهم، لطلب المشورة والبدء في رحلة العلاج.

 

تنقسم سبل العلاج إلى الآتي:

 

1- العلاج النفسي

يعد من أهم خطوات علاج مرض الوهم؛ وذلك لأن العلاج المعرفي السلوكي يساعد المريض على إدراك تفكيره السلبي وفهم معتقداته الخاطئة.

 

يسهم أيضًا في تعليم المرضى كيفية السيطرة على المواقف المختلفة التي تواجههم، وتطوير الذات وتأهيلها لمواجهة مشكلات الحياة.

 

2- العلاج الدوائي

يلجأ الطبيب إلى وصف الأدوية المضادة للذهان لما لها من أهمية كبرى في علاج ذلك الاضطراب، مثل:

  • هالوبريدول، مثل هالدول (Haldol).
  • بيرفينازين، مثل تريلافون (Trilafon).
  •  نيورازين (Neurazine).
  • كلوربرومازين، مثل ثورازين (Thorazine).

 

أيضًا قد يصف الطبيب بعض مضادات الذهان غير النمطية (Atypical antipsychotics)، للمرضى الذين يعانون أعراض جانبية أقل، ومنها:

 

 

وقد يصف أيضًا بعض المهدئات في حال معاناة المريض مستوى عال من القلق والتوتر، وإصابته بالأرق.

 

إذ تساعد المهدئات على تخفيف ضغط النشاط الدماغي، وذلك بتعديل بعض طرق التواصل العصبية في الجهاز العصبي المركزي.

 

تسهم أيضًا مضادات الاكتئاب في تحسين حالة المريض وكبح جماح أعراض الاكتئاب والقلق، الذي قد يعتريه بعد تفاقم الأعراض.

 

كيفية التعامل مع المصاب بمرض الوهم

يجب أن نشدد من أزر المصاب ونضع أمام نصب أعيننا المعايير الآتية:

 

  1. عدم السخرية من أفكاره ومشاعره.
  2. التحدث معه بصدق تجاه الأعراض التي يعانيها ومدى قلقك عليه.
  3. تجنب القسوة والتوبيخ.
  4. متابعة علاجه، وتشجعه على الانتظام في حضور جلساته مع الطبيب المختص.

 

في الختام، لا بد أن نأخذ مرض الوهم على محمل الجد، ونعي أن اكتشاف ذلك الاضطراب في المراحل المبكرة يسهم في الحد من المخاطر وتحجيم الأعراض. 

 

فالوهم داء يحجب الحقيقة ويبني قلاع من السراب، لكن الاطمئنان نصف الدواء، والصبر والمثابرة أول خطوات العلاج. 

المصدر
webmd.comverywellmind.commy.clevelandclinic.org

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى